الحسين (ع) قيادة الإصلاح والتغيير
منذ أن خلق الله هذا الكون وعوامل البناء والهدم فيه مستمرة في عملها، والخير والشر فيه في صراعٍ مستمر.
ولم يخترع أحدٌ من البشر الفساد في المعمورة، لأنه قد ولد مع الخليقة ذاتها، وسيظل حاضراً دائماً بنسبة ما في كل الأزمنة. لكن ذلك لا يعني أيضاً أبداً أن الفساد مقبولٌ، أو أن حربه يجب أن تتوقف أو تنتهي. فلا بد من صراعٍ ممتد بين الخير والشر، كي يستمر التصحيح والسعي الحثيث لخلق توازنات هذه الحياة بمصالحها المتناقضة.
لقد وجد الحسين أمام نموذجٍ سياسي واجتماعي فاشل وفاسد، من نماذج الفساد والخراب والدمار الكثيرة في هذه المعمورة. وكان لا بد من نصرة الحق ولا بد من دورٍ إنساني بطولي شجاع في وجه ذلك الفساد الذي أرادته فئةٌ قررت سرقة الأمة وخيراتها وإهانة الإنسان الذي أكرمه الله وأراد له الرقي والنعيم في هذه الدنيا قبل الآخرة.
ومع ذلك فلم يكن الحسين نموذجاً للعنف أو للغضب والانفعال أو ساعياً لتفتيت الأمة وبث الفرقة والشتات في أوصالها. لكن وكما تفعل الطغاة في كل عصر ومصر نتيجة الخوف والتكبر وغطرسة القوة ورعب الهزيمة وقلق استرداد الأمة لمقدراتها وخيراتها، فقد أبى المذنبون السلم الذي أراده الحسين ، فقادوا معركتهم مع الحسين بطريقة دامية شنيعة، ثم تمادوا فأرادوا إلصاق تهمة الخروج والعنف بالحسين لتشويه صورته الناصعة عندما شاهدوا وشاهد الناس صورتهم البشعة، وبقيت آثار ذلك في التاريخ كله.
ورغم أنف التشويه والقبح، فقد كان الحسين ولازال في نظر الشعوب المنصفة والقيادات المخلصة أياً كان لونها، بطل الإصلاح والتغيير ورمز السلم ونصير الضعفاء والمساكين والمظلومين والمستضعفين ونقطة مضيئة في تاريخ البشرية يشع منها النور والضياء، وسيظل الحسين أبد الدهر هكذا.
ومهما اختلف الشيعة والسنة في عقائدهم وطقوسهم أو في فهمهم للحسين ، فلن يكون هناك أمامهم أبداً أية فرصة لاختلافٍ حقيقي حول حقيقة الحسين ، ابن بنت نبيهم جميعاً وسيداً مع أخيه الحسن سيد شباب أهل الجنة، كمثلٍ أعلى. فهو رمز وحدتهم كقائدٍ مشترك في مشروع الإصلاح والتغيير في وجه الظلم، وقائد الأمة ورمزها في سبيل تحقيق العدالة الإنسانية والصمود القيمي، خصوصاً في أزمنة الظلم وتراجع الحقوق والقيم. ولن يكون أبداً رمزاً فقط للشيعة أو للسنة وحدهم، أو لغيرهم فقط من فئات البشر المفتتة والمتشتتة.
الحسين كان وسيظل للجميع هكذا دائماً: (رمز الوحدة والإصلاح والتغيير في وجه الظلم والظلمة والمفسدين وأعداء الإنسانية) ... وإلى الأبد.