القطيف تستحق مدينة جامعية.. لا جامعة واحدة!
وأنا أطالع ما كتبه الأستاذ معتوق منصور تريك على صفحات" الشرق بتاريخ 30/10/2012، بعنوان" متى نرى في القطيف جامعة؟!"، تعقيباً على مقالة الكاتب زكي الصدير، التي جاءت بعنوان" والقطيف يا معالي الوزير؟!" التي نشرتها" الشرق أيضاً بتاريخ 7/10/2012؛ استحضرت مقالاً سابقاً لي نشر في مواقع الكترونية، قبل أشهر، بعنوان "القطيف... حقوق مغيبة في ظل تنمية غير متوازنة"، وأيضاً مداخلة قدمتها عام 2004، أخاطب فيها وزير تعليم سابق، تحدثت في كليهما عن نفس الموضوع، ونفس الهم، بذات المطالبات!
فما أكثر ما طالب أبناء القطيف بافتتاح جامعة تلم أبنائها المشتتين في كل المناطق، وتخفف العبء عن الجامعات خارج القطيف. وأشاروا منذ سنوات طوال، إلى أهمية ذلك. وما أكثر ما أرسلوا وما خاطبوا ولاة الأمر والمسئولين بشأنه، وما أكثر ما أوضحوا جوانب الاستحقاقات الكثيرة فيه، لكن وإلى اليوم تبقى القطيف تطالب بواحد من حقوقها: "جامعة"!
إذ يتغافل بعض أصحاب القرار عن كل المعايير التي تمتلكها القطيف، والتي يتطلبها افتتاح جامعة في أية محافظة، وسآتي على تفصيلها لاحقاً في سياق المقال، كما وأترك للقارئ "المنصف" إقرار تحققها من عدمه في هذه المحافظة. كمعيار عدد الخريجين والخريجات سنوياً الذي تعتمده وزارة التعليم كأساس في تلبية الاحتياجات التعليمية، أو الكثافة السكانية، أو الطلبات التي رفعت (الرغبات كما أشار الكاتب الصدير إلى ذلك في مقاله)، أو الحاجة، أو الحق في التنمية المتوازنة على مستوى الوطن، أو العراقة للمنطقة. ولا أحسبني أتجاوز إن قلت معيار الخيرات التي في باطن المنطقة، وأحقية أبنائها في أن يكون لهم نصيب وافر منها.
أنا هنا لا أتوجه فقط إلى وزير التعليم العالي، كما توجه الأستاذ معتوق في مقاله، بل إلى ولي الأمر. كما وأتوجه إلى كل مواطن منصف يؤمن بضرورة تطبيق العدالة الاجتماعية، التي تعني المساواة التامة وتكافؤ الفرص، وعدم التمييز بين المواطنين على أي أساس مهما كان، من خلال العدالة في التوزيع، وأهمها توزيع الموارد والخدمات. وأدعو الله أن يكون الأستاذ عبد الله زقيل منهم، الذي كتب تعقيباً على المقال المذكور، لا أنقله هنا إلا لكثرة ما ردده غيره، حيث قال فيه" جامعة الدمام لا تبعد عن القطيف إلا كيلومترات معدودة، وخاصة أن المباني الجديدة للجامعة على وشك الانتهاء، وتستوعب أعداد كبيرة وما شاء الله ثلاث أرباع الجامعة من القطيف وسيهات سواء طلبة أم عاملون فيها أو دكاترة فلا حاجة لجامعة من وجهة نظري". ولا أعلم ما الذي يزعج المذكور وأمثاله ويجعله يستنكر من طلب كهذا؟! فما المانع من وجود جامعة في القطيف يلجأ إليها أبناء وبنات القطيف وباقي المحافظات الأخرى أيضاً؟! ونحن لم نستنكر يوماً على أية بقعة في هذا الوطن أن يشملها خير ترتقي به، فالوطن لنا جميعاً.
فالقطيف هي الوحيدة من بين الـ 61 محافظة من فئة (أ) التي تمتلك كل مقومات الاستحقاقات في وجود مثل تلك الصروح التنموية وليس لديها جامعة، أو فروع لجامعات بتخصصات متعددة، فضلاً عن مدينة جامعية، اللهم إلا كلية مجتمع بتخصص دبلوم حاسب آلي فقط، وتقع في بناء مدرسي!
وفي في ظل صدور القرارات السامية الأخيرة في الثامن من جمادى الآخرة 1433هـ، التي قضت بتخصيص 81 مليار ريال لإنشاء مدن جامعية وجامعات في مناطق ومحافظات ومدن المملكة؛ لا تنال المحافظة حظاً (ولا حقاً) لها من ذلك ويكون نصيبها فيه (صفراً). وتنال الحظوة منه مناطق لا يصل عدد سكانها حتى إلى"50 ألف نسمة"، في حين تعتبر القطيف خامس أكبر تعداد سكاني من بين محافظات المملكة، إذ تتجاوز الكثافة السكانية للقطيف نصف مليون نسمة (524.182 وفقاً لموقع مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات 1431هـ). ولا يعني عدم وجود جامعة؛ إلا اضطرار أكثر من 7000 طالب وطالبة سنوياً من أبناء وبنات القطيف إلى الابتعاد عن مناطقهم متحملين مشقة الغربة عن الأهل لإكمال الدراسة الجامعية، وهي إن كانت تهون يسيراً على الطلاب فلا أجدها تهون على الطالبات، وما يتكبده أولياء أمورهن جراء ذلك.
لذا ها نحن نعود لنؤكد على ضرورة أن ينظر المسؤولون لهذا الموضوع بجدية تامة، وحرص أتم، وأن يوفروا علينا تكرار مثل هذا الطلب مستقبلاً، الذي لا يعدو كونه واحداً من أبسط الحقوق التي يطالب بها أبناء القطيف. ولا بأس أيضاً من التذكير بالمادة (22) من النظام الأساسي للحكم التي تنص على أن"يتم تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية وفق خطة علمية عادلة".