يجب أن لايكون البكاء عنوانا في ذكرى استشهاد أمير الولاية
السّلام على أمير النّحل مولى المُوحدّين وسيّد المُتقين وإمام الثقلين. مُظهِرَ العَجائب ومُجلي النوائب من بهِ الهّمُ ينجلي أمير المؤمنين علي. مَن نُناديهِ في كُلّ شدّةٍ ومِحنَةٍ يا علي... ياعلي... ياعلي.
تعيش أرواحنا وقلوبنا هذه الأيام في رِحابهِ، وتتمنى لو أنّها تحومُ مع الزائرين حَولَ مشهدهِ فتُقبّل أعتابه وضريحهُ وتشتاق لرؤياهُ لعلها تحظى بعِناق المُشتاقين الولهى. مولاي ومولى كلّ مؤمنٍ ومُؤمنةٍ، مَنْ نرفعُ أكُفنا بالدُّعاء له كما دعا لهُ سيد المرسلين المصطفى الأمجد أبا القاسم محمد: " اللهم والي من والاه ، وعادِ من عاداه ، وانصُر من نصره ، واخذُل من خذله ".
إنّ الدّماءُ الحيدرية التي فاضت وسالت من الرأس الشريف لم تجُف حتى الآن... لأن الهجمة العدوانية من قبل ابن مُلجم وأشباهه قد واصلت أعتداءاتها الظالمة منذ ذلك الوقت إلى هذه السّاعة على الذرية العلوية والحسينية حتى شملت أصحابها وأتباعها ومحبيها بغضاً وحقداً؛ فذاق الجميع كل أشكال الظلم والتعذيب والتنكيل والقتل والصلب.
لذا... فكل هذا الطغيان والجبروت والقهر والاستبداد على مذهبنا وأتباعه ليس بجديد...
إذن... ماذا يجب علينا في ظل هذه الأزمات والظروف الراهنة التي يتعرض لها المُوالون شيعة أمير المؤمنين علي في كل أقطار العالم..؟!
إنّ الأهم في هذا العصر المليئ بالصراعات والفتن والغلاغل والإستفزاز المتعمد من قبل الأنظمة الفاسدة ومن قبل أتباعها ممن هم في خانة العلماء ومُدعي الدين ضد أهل بيت النبوة الموالون هو الصبر والثبات والدّفاع بكل الطرق والأشكال عن الدين والمذهب وأتباعه والوعي بأهمية الإلتزام بقيادة إسلامية حكيمة في كل التحركات وعدم الإنجرار بالأمة إلى منحدرات لايعلمها إلا الله سبحانه وتعالى. فمن يعي أهمية ذلك وأهمية تحمل المسئولية فإنه سيخدم الحق وهذا هو المطلوب في عصر يستلزم الإعداد والتعبئة الروحية والفكرية ويستلزم تحشيد الأفراد وتهيُئتهم لتحمل أدوار رسالية هامة ومن ضمنها الدّفاع عن حرمة رسول الله وأهل بيته (صلوات الله عليهم أجمعين) و مواساة ومساعدة أهالي ضحايا القتل والتعذيب و استخدام التكتولوجيا الحديثة في فضح مسلسلات الظلم والفساد والكذب ضد الأمة المستضعفة.
إنّ المُصيبة التي زلزلت الأكوان يجب أن لايكون عنوانها البكاءُ فقط وخصوصاً في الظروف الراهنة بل يجب أن يكون عنوانها تجديد العهد بالإخلاص والوفاء بمواصلة السير على النهج العلوي المبارك. ويجب أن يكون عنوانها العمل الجاد لإصلاح النفس والمجتمع وتغيير مايمكن تغييره والمطالبة بالحقوق الإنسانية.
وكما أنّ الإمام علي يجب أن لايكون اسماً ورمزاً فقط بل نهجاً وقدوة يُتبع قولاً وفعلاً في السلوك والأخلاق، فإنّ محبته يجب أن تُترجم عِبر التضحية والعطاء في سبيل إعلاء كلمة الله والدّفاع عن المظلومين والمضطهدين ومساعدة المحتاجين والمساكين.
واقعاً... إنّ هذه الذكرى الأليمة يجب أن لاتكون مشحونة بالخُطب والمحاضرات الروتينية التي تشبّع منها المجتمع بل واعتاد عليها ويجب أن لاتكون مجرد عزاء ورثاء وشعارات تُلقى ومظاهر دينية أمام الملأ... بل يجب أن تكون الأدوار فيها مميزة ومختلفة فليست الذكرى خطباً وشعارات وليس الدّين والمذهب عمامة وحجاباً ومظاهر فقط بل منهلاً ومناراً فيه تعاليم ومبادئ وقيم وتوجيهات سامية ترقى بالإنسانية.
وكل مانتمناه هو أن يعي أفراد الأمة واجبهم ومسئوليتهم في هذا العصر الذي نترقب فيه النهضة المهدوية الكُبرى والتي سيأخذ فيها مولانا صاحب العصر والزمان(أرواحنا لمقدمه الفداء) بثأر جدّه رسول الله وثأر ضلع جدته السيدة الزهراء وثأر جدّه الإمام علي وذريته وشيعته من المظلومين والمستضعفين..
فهل سيعي الجميع مسئوليتهم في عصر التناقضات والصراعات والفتن...؟!