ذكرى الأربعين
قم جدد الحزن في العشرين من صفر *** ففيه ردت رؤوس الآل للحفر
آه !النهار كان هنا و الليل دنا، و الدمع ظل الجراح ،و ضجيج الموت يعج بنا، فلا ماء ، و لا سماء ، و لا رياح ، والرؤؤس الطاهرة، على الرماح ، آه يا كربلاء، يا قبلة العطاشى والمحرومين والمستضعفين ، أين غفا الدم ، وأين فر الصباح ،إلى هنا! عندما وصل موكب السبايا هنا، آذن الحزن في قلبي وأناخ الحسين برحلة ،وهنا الخد التريب استراح.
قال الإمام الحسين بن علي عليه السلام: «اني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في امة جدي ـ صلى الله عليه وآله ـ أريد أن آمر بالمعروف وأنهى عن المنكر ، وأسير بسيرة جدي وأبي.
إن ذكرى أربعين سيد الشهداء أرواحنا فداه ينبوع متدفق، يغمر الأمة، بكل شرائحها، بأنوار مبادئ هذه النهضة التي استشهد قائدها وإبطالها، لتبقى راية الحق عالية خفاقة، وقد قالت سيدتنا زينب عليها السلام: «فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا)
في ذكرى الأربعين تزحف الملايين من المؤمنين في مسيرات راجلة نحو ضريح الأمام الحسين (عليه السلام) ملبية بصرخات لبيك ياحسين صرخات ترهب بقايا زمرة طغاة بني أمية الحاقدين على عتره أهل البيت والموالين لهم في مواكب مهيبة ومن مختلف بقاع الأرض مجددة الولاء ونداء التلبية الذي ناد به الأمام يوم عاشوراء ذلك اليوم الأليم على قلب النبي محمد وعترته الأطهار.
في العشرين من صفر تمر علينا ذكرى الأربعين للإمام الحسين عليه السلام، الذي يعد يوماً مهماً لدى أتباع أهل البيت (عليهم السلام)، فهذا اليوم ذكرى عودة الرؤوس الشريفة إلى الأجساد الطاهرة بعد أن طيف بها في البلدان ، وعبر الأمويون من خلاله عن نزعة الشر والحقد الذي يضمره بني أمية ومن على شاكلتهم إلى يومنا هذا.
إن ذكرى الأربعين والتي تأتينا لتجدد فينا دماء الإمام الحسين الشهيد عليه السلام، تجدد فينا دماء الحق ،تجدد فينا دماء الإباء والطهارة ورفض الظلم ،تجدد فينا دماء لإحياء الدين ، تجدد فينا خطبة العقيلة زينب (عليها السلام) في مسجد الطاغية يزيد لعنه الله ، تجدد فينا حركة العقيلة زينب الإعلامية .
وإذا كان الإسلام علوياً، والتشيع حسينياً يصح بأن يقال إن الإسلام الذي بذره محمد صلى الله عليه وآله وسلم وأحاطه علي وغذاه الحسين حتى كمل وستقام، فقد فاز أولئك النفر الذين أدركوا محمد وعلياً والحسين فقاموا مع كل بذوره الخاصة واخذوا من كل تعاليمه المباشرة. وأما الأجيال المتأخرة التي لم تدركهم هذه الثورة فلابد أن تعيش بامتداد تلك الشخصيات العظيمة التي تحتمل الامتداد.
لابد ان يكون امتداد الحسين أصعب لان دوره كان دور ثورة وامتداد الثورة يحتاج إلى إحياء الثورة بكل إبعادها ومرافقها في واقع الحياة ،والواقع لايمكن امتدادها الحقيقي إلا بجموع ما يقوم به الشيعة في بلادهم أيام عاشوراء من إحياء المأتم في كل مكان ولبس السواد .فكل هذه المجموعة المتقاربة بنفعالتها وواقعها وهذه المظاهر والتظاهرات هي التي تستطيع نقلنا من أجوائنا المختلفة إلى جو الثورة التي عاشها الإمام الحسين عليه السلام في معركة كربلاء وثلة من أهل بيته وأصحابه الأخيار.
إن ثورة الإمام الحسين ثورة نادرة امتازت بها الأمة الإسلامية دون سائر الأمم ولو كانت البقية من الأمم استدرت منها طاقات تؤهلها للسيطرة على الأرض، ولكن الأمة الإسلامية بتخبطها وعدم إدراك حجم هذه الثورة بكل إبعادها الرسالية أخذت في الهبوط مع مستوى قلة الوعي في قيادتها الإسلامية، ورسم منهج مخالف لمنهج الرسالة المحمدية المتمثلة في ثورة الإمام الحسين عليه السلام.
فلا تستفيد منها بالمقدار الممكن فتهدر بذلك تلك الطاقات المعنوية .وتريد من خلال اعلاامها تحجيم هذه الثورة ونقل مسيرتها إلى غير الواقع بأن رجلاً شق عصى الخليفة فكان له جزاء ذلك مقلبة بذلك صفحات التاريخ المزيف الذي رسمه النهج الأموي لنفسه ولكن لم يستطيعوا فبقى الحسين وامتدت ثورته عبر التاريخ صرخة مدوية في اذان هذه البطانة الفاسدة من مخلفات بني أمية .
فالسلام على الحسين وعلى علي بن الحسين وعلى اولااد الحسين وعلى أنصار الحسين. وعظم الله أجرك ياسيدي يصاحب العصر والزمن وعظم الله لكم الأجر يامراجعنا العظام في كل مكان ولكم أيها المؤمنون .
ستلبيك روحي زاحفة ياسيدي، لتأوي الى ملاذ عشقها ستلبيك طائعة تعفر خديها على ترابك الطاهر شوقا ياحسين السلام عليك مولاي وعلى زائريك الزاحفين حبا وعشقاُ اليك ،السلام عليك بعطش الأرواح الوالهة الى روضتك المطهرة السلام عليك سيدي، اشتياق ومحبة وفداء السلام عليك ياأبا عبد الله وعلى الأرواح التي حلت بفنائك وأناخت برحلك السلام عليك وعلى أصحابك وبنيك وعلى قائد عسكرك وحامل لواك أبا الفضل العباس عليه السلام عليكم مني جميعا سلام الله أبدا مابقيت وبقي أليل والنهار ولا جعله الله أخر العهد مني لزيارتكم .
روحك تحلق نحو الضريح ،وروحي هائمة تبحث و تحلق في أرجاء المكان تبحث هنا وهناك بين أولئك المعزين الهائمين في عشق الحسين عليه السلام. لعلها تجد لها مكاناً تقف فيه معهم لتواسي قلب الزهراء عليها السلام، قلب أمتلئ بالشوق حتى ثمل من شدة الشوق.
وهذه الزيارة العريقة بما اكتسبت من أهمية بالغة على مر التاريخ الإسلامي بعد استشهاد الثلة الطاهرة من آل النبي. فهي في نفس الوقت تتم بوسائل متعددة. الغرض الأساسي منها هو خلق حالة روحية تكاملية في أجواء إسلامية مليئة بفضاء من الود والمحبة بين المؤمنين بمختلف شرائحهم ومعتقداتهم في ظل خيمة أبا الأحرار ورمز الثوار أبي عبد الله الحسين عليه السلام، وأخته العقيلة زينب سلام الله عليها. لقد حاولوا كل طغاة التاريخِ لكي يسكتوا صوت الحسين ولكن سقط رهانهم، وخابوا، وفشلوا، وانتصر عشاق الحسين، وانتصر خطاب الحوراء زينب سلام الله عليها «فكد كيدك، واسع سعيك، وناصب جهدك، فو الله لا تمحو ذكرنا، ولا تميت وحينا.
وهذا خطاب سوف يبقى يتحدى كل الطغاة والجبابرة والفراعنة في كل عصر وزمان.، لأنه خطاب يستمد رؤيته، وبصيرته وعنفوانه وقوته من السماء وليس من قوة في هذه الأرض
في هذه الزيارة المقدسة تجديداً للعهد مع سيد الشهداء على البقاء مخلصين لمذهب أهل البيت عليهم السلام ومواصلة المسير المبارك لإحياء رسالة سيد المرسلين النبي محمد(صلى الله عليه وآله) لهو من الغايات المعمقة لهذه الزيارة المليونية والتي هي في الحقيقة تعبير حي عن نداء القلوب المتوهجة عشقاً وصرخة مدوية لضمير العالمي في وجه الطغيان أينما صال وجال. مع علمنا بأن الذين يزورونه في السماء أكثر من الذين يزورونه في الأرض كما تحدثنا الروايات المتواترة.
ان ثورة الإمام الحسين عليه السلام كانت نبراساً لسائر الثورات التحريرية في العالم ضد الظالمين، وكانت هي الانفجار العظيم الذي هز عرش كل الطغاة المستبدين، كما ومهدت الطريق أمام الثورات الأخرى التي نشدها هذه الأيام إنها إحياء لصوت الحق الذي ثار من اجله الإمام الحسين عليه السلام. فهاهم الزاحفون إلى كربلاء الحسين، شيوخًا وعجزةً، ومعوَّقين، رجالًا، ونساءً، وشبابًا، وأطفالًا يتحدون الموت، والإرهاب، صارخين نادبين يا حسين يا حسين يا حسين. أي قوة في الأرض مهما طغت، وتفرعنت، وبطشت، وفتكت، وقتلت، وذبحت، وأرهبت، وأرعبت قادرة أن تسكت صرخات التحدي يا حسين يا حسين يا حسين.
ونحن وفي هذه الذكرى الأليمة نرى في جميع انحاء العالم كم من الزائرين الموالين والمواليات سواء عن قرب او عن بعد ، زحفوا إلى كربلاء يحملون اللوعة والحرارة في زيارتهم للإمام للحسين عليه أفضل الصلاة والسلام في هذه الذكرى الأربعينية لأبي عبد الله الإمام الحسين. ونحن نقول كلنا بصوت واحد سيدي إن فاتنا السعي إليك لترانا صرعا بين يديك لم يفتنا العشق والنوح عليك ابد الدهر ونندب الحسرات.
لهذا نقول سيدي ومولاي محبوك ينهبون بإقدامهم الطريق إليك والموت يرقبهم فيه على امتداده الطويل، ليالي وأيام يمشون لايكلون ولايتعبون وفي أيديهم راياتك التي رفعتها بوجه الظالمين من بني امية، وليس على ألسنتهم من هتاف سوى الهتاف الذي أطلقته في عاشوراء، هيهات منا الذلة، سيصلون اليك يا مولاي، سيصلون وهم ينادون يا حسين، يا حسين.
السلام عليك سيدي يا أبا عبد الله وعلى المستشهدين بين يديك. لعن الله بنو أمية وابن آكلة الأكباد اللعين ابن اللعين ولعن الله آل مروان وآل زياد. بابي انت وامي يا ابا عبد الله بابي انت وامي يابن رسول الله .
عظم الله أجرك يارسول الله عظم الله اجرك ياأمير المؤمنين عظم الله لك الأجر يا سيدتي ومولاتي يازهراء عظم الله لك الأجر أيها الحسن الزكي المظلوم المسموم عظم الله لك الأجر ياسيدي مولاي يا صاحب العصر والزمان عظم الله لكم الأجر أيها المؤمنون .