الحسين (ع) نداء العدل والمساواة
خطب الحسين امام طليعة من الجيش الاموي قائلا : أيها الناس ان رسول الله قال (( من رأى سلطانا جائرا مستحلا لحرام الله ناكثا لعهد الله مخالفا لسنة رسول الله يعمل في عباد الله بالاثم والعدوان فلم يغير عليه بقول ولا فعل كان حقا على الله ان يدخله مدخله ))
بهذا المقطع من خطبة الامام الحسين بدأ الشيخ محمد الصويلح بحثه في ليلة العاشر من المحرم في حسينيات متعددة من محافظة القطيف
وأشار في محاضرته بأن الحسين لم يتحرك من أجل نشر فكرة ما او لأمور شخصية تخصه او تخص عائلته مع انه كان المنبع والمنهل للمسلمين فهو يحمل كل افكار الاسلام وتعاليمه وهو القرآن الناطق ولكنه لم يتحرك لاظهار مظهر عبادي معين او لنشر فكرة ما بل ان المظاهر العبادية كانت موجودة وكان عمر بن سعد يصلي بأصحابه جماعة وكان الجيش الاموي يرفع شعارات الاسلام حتى انهم قالوا في يوم عاشوراء (يا خيل الله اركبي وبالجنة ابشري)
وتساءل قائلا : اذا لماذا تحرك الامام الحسين ؟
تحرك لمواجهة السياسات الجائرة في ذلك العصر فبني أمية لم يحكموا بالعدل في الامة فتحرك قائلا (اني لم اخرج اشرا ولا بطرا ولا مفسدا ولا ظالما انما خرجت في طلب الاصلاح في امة جدي رسول الله أريد أن آمر بالمعروف وانهى عن المنكر)
فاذا عندما يأتي الحديث عن الحسين فينبغي ان يكون الحديث حول القيم والمبادئ فالحسين نداء العدل والمساواة ولأجل هذا الامر تحرك الحسين أي من اجل تحقيق العدل والمساواة في الأمة
وأضاف قائلا : يقابل المساواة التمييز وهو منع اعطاء الحق للغير بسبب انتماءه لطائفة معينة
وينبغي ان نقضي على التمييز الحاصل في مجتمعنا ويجب ان تكون هناك مساواة بين المواطنين مهما كانت مذاهبهم وانتماءاتهم فالجميع اخوة في الاسلام وينتمون الى وطن واحد
وعانت البشرية من التمييز للون والعرق او الطائفة او لأجل امور اخرى وقد جاء الاسلام حتى يضع حدا لسياسات التمييز حيث قال تعالى : ( ان اكرمكم عند الله اتقاكم ) وقال رسول الله "الناس سواسية كأسنان المشط" وفي موارد عديدة كان رسول الله يقول " كلكم لآدم وآدم من تراب فلا فضل لعربي على عجمي الا بالتقوى "
ولكن الأمة ابتلت بالتمييز منذ العصور السابقة ففي الهند كانوا يقسمون الناس وباتت الند تعيش الظاهرة حتى عام 1978م وحتى الولايات المتحدة الامريكية كانت تعاني سابقا من التقسيمات فالسود يختلفون عن البيض وحقوق السود منتهكة هناك فليس لهم حق في انتخابات الكونغرس وكانت المدارس هناك مقسمة قسم خاص بالبيض وقسم خاص بالسود
والبلدان العربية لأنها مسلمة ينبغي أن لا يكون فيها تمييز من جهة العرق ولا المذهب ايضا . ولكن للاسف ما زال التمييز موجودا في البلدان العربية والاسلامية وهذا يسبب توتر في العلاقات بين ابناء الوطن الواحد
والتمييز خطير لعدة أسباب :
1- انه خلاف للقيم الاسلامية
2- يحرم الوطن من الاستفادة من الكفاءات
3- يهدد الأمن واستقراره
4- فتح الباب أمام اعداء الدين فالتمييز بين أبناء الوطن الواحد يفتح الابواب امام القوى الاخرى لتدخل في شؤون البلد
وأشار قائلا : التمييز لا يضر طائفة معينة ولا اصحاب مذهب معين بل يضر الوطن كاملا ونحن ولله الحمد كطائفة ولاءنا لوطننا وهذا ما أثبته التاريخ وتكفي شهادة المسؤولين لنا بانه ليس لأحد منا تورط في الارهاب ولا في الاخلال بالأمن
ويعتقد البعض بأننا عندما ننتقد خطأ ما فان هذا يدل على عدم الولاء لهذا الوطن وهذا مفهوم خاطئ فبالعكس من حبنا لوطننا نطرح الاخطاء الواقعة على طاولة الحوار ليتم تفاديها مستقبلا ومن يمارس الطائفية ضد طائفة معينة هو الطائفي
وعلى المواطنين الشيعة ان يعرفوا أن هناك فئات متشددة احترفت التعبئة ضد المذهب الجعفري المقدس وضد المذاهب الاسلامية الأخرى وهذه الفئات تريد أن توقع أبناء الوطن الواحد في فتنة طائفية تودي بالمجتمع للهاوية فينبغي لنا الحذر من هذه الفئات البغيضة وندعو كافة المسؤولين بأن يضعوا حدا لهذه الفئات المتشددة التي تصدر فتاوها بين الفينة والاخرى ضد الوحدة واللحمة الوطنية الاسلامية
ودعا لضبط النفس وعدم الانجرار للفتنة والرجوع لعقلاء الطائفة وعلمائها حيث قال : هذا هو النهج الحق الذي تربينا عليه نهج الاعتدال والوسطية
ثم قال: ونحن نحتفي بعاشوراء الحسن فعلينا أخذ الدروس والعبر من سيرة الحسين .
فالحسين لآخر لحظة من حياته كان يخطب في القوم ويعظهم ويحذرهم ولكن القوم طبع الله على قلوبهم فهو لا يفقهون
وختم المحاضرة بقراءة المقتل الحسيني وسط حضور مكثف من المؤمنين والمؤمنات .