أسباب فشل العلاقات الزوجية
بسم الله الرحمن الرحيم
﴿ الطَّلاَقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلاَّ أَن يَخَافَا أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلاَّ يُقِيمَا حُدُودَ اللّهِ فَلاَ جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَعْتَدُوهَا وَمَن يَتَعَدَّ حُدُودَ اللّهِ فَأُوْلَـئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ﴾ . صدق الله العظيم.
بهذه الآية المبُاركة سوف نبدأ موضوعنا المُتعلق بفشل العلاقات الزوجية والانفصال وسوف نتحدّث عن بعض أسبابها بشكل ٍ مُختصر علها تنفع بعض الناس في وقتٍ كثر فيه الطلاق في المُجتمع وصار الطلاق في المحاكم الشرعية بشكل يومي وأشير أيضاً إلى أن ما دعاني لكتابة هذا المقال هي النسب الخيالية التي تحدّث عنها رئيس مركز البيت السعيد بصفوى الشيخ صالح البراهيم حيت أشار إلى أن 50% من حالات الطلاق تكون لحالات حديثة الزواج في المنطقة وأن 15% من المشاكل الأسرية يكون فيه الطلاق وارد.
انتشر الطلاق في هذا الزمن الراهن والذي هو أبغض الحلال عند الله ولم يعلم بعض هؤلاء الناس بسلبيات الانفصال الكبيرة وإن فشل هذه العلاقة سوف ينجم عنه أشياء كثيرة منها تفكك وتشتت العائلة بشكل ٍ عام وسوف ينعكس ذلك على الأبناء ويصبحون ضحايا هذه العلاقة التي هُدمت من أسباب غير مُقنعة، ومن سلبياتها أيضاً ولادة البغضاء والحقد والضغينة بين الأسرتين من رأسها إلى قدمها.
إن الطلاق هو مُشكلة العصر الحالي وأكبر مُشكلةٍ اجتماعية نعيشها هذه الأيام تجد ذلك الشاب يجمع المهر قرشاً على قرش بعد حرمان ٍ طويل كي يبدأ تلك الحياة الكريمة فرحاً بارتباطه بشريكة الحياة وعنده طموحٌ واسعة وآمال مُستقبلة ٌ كبيرة وعواطف مخبئة يريد بوحها لمن تستحق وسوف تملك قلبه ومشاعره ولكن ربما يفاجأ بشريكة مُتمردة مغرورة ومدللة يملكها العِناد ومُناظرة الغير في مالهم وثرائهم وتريد أن تثقل على كاهل زوجها بالطلبات التي لا تنتهي وهو رجل يعيش في زمن الغلاء الفاحش المتزايد يوماً بعد يوم وتكرر تلك الفتاة زمن أمي وأبوي و زمن أمك وأبوك انتهي وأصبحت مُساواة بين الرجل والمرأة خاصة ً بعد صدور القرار من المقام السامي بالسماح لهن للترشيح في انتخابات المجلس البلدي وعضوية مجلس الشورى ومطالبتهن بقيادة السيارات أصبحت لهن ذريعة وهذا لا ينطبق على الكل بل البعض، من أسباب الطلاق التالي:
أصبحت المرأة في هذا الزمان تتعامل مع الزوج بكثرة الجدال والصراخ والتمرّد بحجة المُساواة بين الرجل والمرآة و تردد زمن الجاهلية انتهى وهو ليس كما في الماضي كان يُعامل الزوج من قبل زوجته بالاحترام والتقدير والتبجيل لأنه رب الأسرة والرجل الأول فيها وولي الأمر وهذا لا ينطبق على الكل بل البعض، إن من الأسباب الكبيرة لفشل العلاقة الزوجية هو الحرمان العاطفي سواءاً كان من الرجل أو المرأة لأن كلاهما يحتاج للحُب والحنان والأحضان والعاطفة لأنها كالغذاء والكِساء الذي لا يستغنى عنهما فبتقصير أحد الطرفين سوف يولد البُعد و النفور فيما بينهم و قد ُتهدم تلك العائلة بشكل ٍ تدريجي ومن ثم إلى الانفصال.
من الأسباب أيضاً إن العادات والتقاليد والأعراف التي ليومنا هذا نتمّسك بها ونعتبرها من التدّين والاكتفاء بالحديث عن المواصفات والصور التي ربما تكون مُغرية نوعاً ما وعدم رؤية كلا الطرفين لبعضهما قبل البدء في مشروع الزواج من الخطأ ولابد أن نعي لذلك ولكل يعرف أن النظرة الشرعية مُحللة حتى تكون هُناك قناعة ٌ كافية من كلاهما ولابد أن تكون هُناك حرية ٌ كافية في الاختيار وعدم الترغيب أو الإكراه حتى لا تكون كمُشتري البطيخة التي لا تعلم ما بداخلها.
من الأسباب أيضاً جعل المرأة تحت الرقابة الدائمة التي قد تجعلها في حالةٍ نفسيةٍ مريرة ونحن نرى النساء في هذه الأيام مُنشغلين بهواتف البلاك بيري والآي فون وأحدث التكنولوجيا والسهر طوال الليل على صفحات الانترنت وترك الزوج في سباتٍ يحتضن الوسادة بمُفرده وهذا قد يجعل الزوج في حالة غيرةٍ كبيرة قد تتحوّل إلى شك ومُراقبة وأنا لا أستثنى الرجال من ذلك فيوجد العكس، أيضاً من الأسباب الطمع والجشع وعدم الثقة وتذمر المرأة من عيشتها والتمني العيش في الثراء والبحبوحة والانتماء للطبقة المخملية الراقية قال الإمام علي عليه السلام ( رأس الورع ترك الطمع ) وقال أكثم من صــيفي ( رأيت الناس مالوا ـ إلى من عنده مالُ ).
من أسباب الطلاق أيضاً عدم الانسجام واختلاف الآراء و طريقة التفكير والفارق التعليمي والفارق العمري، من الأسباب أيضاً إعجاب أحد الطرفين بشخصيات أخرى كالمُطربات والمُطربين والمُمثلين والمُمثلات وأهل الفن بشكل عام كأن تقول الزوجة كم تمنيت ذلك المُطرب زوجاً لي والعكس كذلك فهذه قد ُتحرج أحد الطرفين وقد يُصاب بالشعور بالنقص وقد يُحبط نفسياً وتولد المُشكلة، من الأسباب أيضاً سُفور الزوجة وتبرّجها في هذا الزمن وعدم احتمال الزوج لذلك وكما نجد اليوم كشف الوجه في بلد تعودنا منذ نعومة أظافرنا على غطاء الوجه وبغتة ً نجد فل الشعر والعطور الفواحة مُنتشرة ً في بلاد تعتبر مُحافظة قال الإمام علي عليه السلام ( ثلاث مُهلكات طاعة النساء وطاعة الغضب وطاعة الشهوة ) وقال أيضاً ( لا تطيعوا النساء في المعروف حتى لا يطمعن في المنكر).
من الأسباب أيضاً اهتمام المرآة بالمظاهر و كثرة حُب الموضة وتحميل الزوج فوق طاقته وأن يكون همّها الأول الفساتين والذهب والماكياج والكماليات والماركات العالمية والأسفار وحُب الترف والبذخ وكثرة النوم وكثرة الغنج والدلع والثرثرة وعدم الرضا وكثرة التذمر وامرأة غير قنوعة تلك أشترت وتلك فعلت وتلك سافرت وتلك عندها وأنا ليس عندي ومن هذا القبيل قال الإمام علي عليه السلام ( من كانت الدنيا همه كثر يوم القيامة غمه )، من الأسباب أيضاً الابتعاد عن البشاشة والابتسامة والمزح المقبول وقلة المُداعبة والبحث عن المُشكلة والمُشاحنة والجدل العقيم ولابد أن لا نتجاهل بـأن المُشكلات والخلافات بين الأزواج لا تنتهي أبداً بل موجودة في كل منزل ولكن احتواء تلك المُشكلة منذ بدئها كي لا تتفاقم هو الحل قال الإمام علي عليه السلام ( بحُسن العشرة تدوم المودة ).
حتى لا يقول عني بعض النسوة أنني مُتحامل على النساء فإننا لا نريد وضع اللوم فقط على المرأة فالرجل أيضاً يعيش في زمن اللذات والشهوات والإغراءات والقنوات الفضائية الفاضحة والمواقع الالكترونية المُغرية كالدردشات وغيرها فعدم اهتمام المرأة بنفسها وبلبسها وبزينتها كي لا يبحث له عن سببٍ وحُجة وتكون في نظره الناقصة والمُقصرة فلابد أن لا نتجاهل بإن الرجل يعيش في زمن الانفتاح الكبير والإغواء وسهولة إيجاد البديل خاصة ً إذا كانت زوجته من عشاق الإعراس والحفلات وأعياد الميلاد وتبادل الهدايا وآخر الموديلات وتقصم ظهره في كل مُناسبة وهو ذو دخل محدود ويشقى في عمله ويعاني الأمرين ومن ثم تصرفه في توافه الأمور فهذه من الأسباب القوية أيضاً.
من ألأسباب أيضاً أنانية أحد الطرفين وإهمال الواجبات وعدم إعطاء الحقوق الزوجية بشكل ٍ كافي والمُجاهرة بالأسرار الزوجية وخاصة ً أسرار الفراش بل لابد أن تكون هذه الأسرار محل كتمان وأيضاً الإفصاح عن الخلافات للأهل كالأم والأخت على أقل شيء سوف يخلق حالة عداوة من قبل الأهل وهذا سببٌ كبير لإقناع احد الطرفين بالانفصال قال الإمام علي عليه السلام ( بالصمت يكثر الوقار ) وقالوا في الحِكم ( أضعف الناس من ضعف عن كتمان سره، وأقواهم من قوي على غضبه، وأصبرهم من ستر فاقته ، وأغناهم من قنع بما تيسر له )، إن فساد العلاقة الزوجية وتوترها هو عدم توافق التفكير بين الطرفين كمثال تجد الرجل تفكيره الأول المُستقبل وكيف يبني له ولأولاده مسكناً أو كيف يؤمن قوت يومه وهي تفكر في الذهاب الأسواق والمُجمعات التجارية وغيرها ولا تريد حرمان نفسها من أي شي وتريد الحُصول على كل شي قالوا في الأمثال الفرنسية القديمة ( من طمع بالفوز بكل شي خسر كل شيء ).
من الأسباب أيضاً العصبية والغضب على أسباب غير مقنعة حتى لو كان الزوج عصبي المزاج أنا في نظري الكلمة الطيبة تهدأ الانفعال والبُعد عن الجدال هو أفضل حل كي لا تخلق المُشكلة، أيضاً إهمال النظافة كرائحة الفم والعرق وعدم العناية بالشكل تجد البعض لا يعرف الاستحمام إلا في ألأسبوع مرة واحدة ورائحته الكريهة تسبقه فلابد من الاهتمام بالشكل الخارجي واستخدام أفضل الروائح والعطور خاصة عند المُلاقاة العاطفية والخلود للمُعاشرة الجنسية، من الأسباب أيضاً الخيانة الزوجية من أحد الطرفين خاصة ً عندما لا يجد أحدهم الاهتمام ويكثر الإهمال قد يوسوس له الشيطان ويسلك طريق الحرام وقد يُكشف وتنتهي تلك العلاقة ويصبح مصيرها الفشل قال الإمام علي عليه السلام ( ثمرة العقل مقت الدُنيا وقمع الهوى ).
من الأسباب أيضاً بُخل الزوج والتقصير المادي وعدم تحمل المسئولية بل لابد أن يكون هناك اعتدال وإنصاف في هذا الجانب وأن لا يكون مُسرفاً لدرجةٍ كبيرة قال الإمام عليه السلام ( بالبخل تكثر المسبة ) وقال أيضاً ( زكاة القدرة الإنصاف ) وقال العالم سقراط ( رأس الحكمة الاقتصاد في الإنفاق من غير بخل )، من الأسباب أيضاً الغيرة المُفرطة من أحد الطرفين التي قد تتحوّل إلى شك وتفسد العلاقة، من الأسباب أيضاً كسل الزوجة وترك واجباتها على الخدم كتربية الأبناء التي قد تفسد سلوكهم أو الاعتماد الكلي على المطاعم أو أن تكون امرأة عاملة ممرضة مثلا ً وتعمل نظام شفتات أي دوامات مُختلفة أو مُعلمة تجدها تدريس في النهار وتصحيح في المساء وعدم تفرغ للزوج وقد ينزعج الزوج ويُخلق الخِلاف ويُصبح مصير تلك العائلة الهلاك.
من الأسباب أيضاً النظرة المُتعالية وتكبر أحد الطرفين على الأخر وربما تصل إلى حالة التقزز أثناء المُشاجرة قال الإمام علي عليه السلام ( عجبت للمُتكبر كان أمس نطفة وهو في غد جيفة )، من الأسباب أيضاً نظرة أحد الطرفين للأخر بأنه إنسان معصوم ويجب أن لا يخطأ وارتكابه لأي خطأ سوف يُحاسب عليه الحساب العسير وأن يتحمل مسئولية ما ارتكب، من الأسباب أيضاً تعامل الزوجة لبعلها بأنه ندٌ لها والخصم الذي لابد أن يُغلب، من الأسباب أيضاً هو عدم استئذان الزوجة قبل خروجها من المنزل وتعدد الزوجات من دون أسباب مقنعة واختناق الزوج بمتطلبات الزوجة أو تعاطي احد الطرفين المخدرات أو احتساء المسكرات أو العلاقات الغير شرعية و جلساء السوء وكثرة الإلحاح قال الإمام علي عليه السلام ( كثرة الإلحاح توجب المنع).
أكتفي بهذا القدر من الأسباب وأتمنى أن أكون قد وفقت بإظهار الشيء القليل وأريد أن أشيد بدورة همسات لكلا الزوجين التي تشرف عليها جمعية تاروت الخيرية لأنها دورة تثقيفية لكلا الزوجين بالدرجة الأولى وأشكر القائمين عليها.