الإنتخابات البلدية ،، مابين الواقع والطموح
للعملية الإنتخابية أثر على الواقع الثقافي والاجتماعي لأي منظومة تتبنى مفهوم الإنتخاب لبناء التكون الداخلي، ويساعد على بناء وعي ليتقبل الرأي الآخر. بل إن تبني مثل هذه الأفكار يساعد الأفراد المنتمين للجماعة على صياغة شخصياتهم القيادية والإدارية القادرة على تبني أفكار مستقبلية تساعد في بناء دولة متكاملة.
والعملية الانتخابية للمجالس البلدية خطوة في المسار الصحيح برغم أنها خطوة خجولة من قبل الدولة لتبني هذا المفهوم الديموقراطي. ولكن الأهم في هذه الفترة التي نرى فيها التسابق الجميل بين المرشحين لكسب الأصوات هو التطرق في الحديث عن بعض الأمور الهامة الخاصة بالمرشح و التي من منها: المقومات التي يفترض توافرها في المرشح.
وكذلك فيما يختص بالناخب ومنه: كيف يستطيع الناخب الاختيار في ظل المعطيات المتقاربة للمرشحين؟
· السيرة الذاتية.. والشعارات الزائفة
كثيراً ما نعاني في إختيار الشخصية الأفضل من بين الأشخاص والمفاضلة بينهم. وكثيراً ما نجد لدى المرشحين الأعزاء سيرة ذاتية تعرض المنجازات العلمية والعملية التي أعطت المرشح الحماسة للمشاركة في خوض إنتخابات المجلس البلدي. ولكن ياترى هل كل ما يذكر في بعض تلك السير الذاتية صحيح؟
وهل حقاً ستخدم بعض المنجزات الاجتماعية العمل البلدي؟
نحن نعاني ونستاء حقيقةً مما يذكره بعض المرشحين في سيرهم الذاتية من أعمال اجتماعية هي في الحقيقة إنجاز جماعي أكثر بقدر ماهي إنجاز فردي نسب لهذا المرشح، فنجد في هذا الأمر تضليل للناخب عن حقائق لاتصب في المصلحة العامة إذا ما ارتأينا أن تغييب الحقائق هو مشكلة حقيقية عانينا منها في المجلس البلدي السابق. فكيف سيسمح الناخب للمرشح القادم بتزكية نفسه عبر منجزات جماعية فضلاً عن أنها ليست خدمية بقدر ماهي تصب في التكوين الاجتماعي للبلد المعني بالفعالية.
لذى من الأفضل أن يكون الناخب الكريم على وعي وإدراك حينما يطلع على السير الذاتية للمرشحين، ويكون بعيداً كل البعد عن الشحن الفئوي الذي تعيشه البلاد أو أي شحن يؤثر في اختيار شخصية ليست بالكفء في العمل الإداري. فبإمكان الناخب الكريم حضور المخيمات الانتخابية للمرشحين والإطلاع والسؤال بنفسه للمرشح عن البرنامج الانتخابي، فهذا الأمر سيساعد كثيراً في إستجلاء الصورة المناسبة للمرشح المناسب أمام الناخب الكريم.
· إختيار بالكفاءة .. أم بالتوجهات والقبليات
يقع إختيار كثيراً من أفراد المجتمع بالتصويت على شخصية المرشح بواقع التوجه أو القبيلة التي ينتمي إليها ذلك المرشح، وهنا يقع اللوم على عاتق شخصيات المجتمع من رجال دين وكتاب وإعلاميين؛ فحينما يصطفوا جنباً إلى جنب مع أحد المرشحين من خلال تواجدهم في واجهة الإستقبال في مخيمات المرشحين أو التمجيد للمرشح من خلال كلماتهم وخطبهم بغرض فرض الرأي الآحادي لقبول المرشح من قبل الناخب الكريم نظراً لأن ذلك المرشح الكريم ينتمي إلى التيار ذاته..!! وبهذا نجد أن البعض يجد نفسه في قائمة الذين يجب أن يصطفوا بقربه متناسين مسألة أهليته وكفاءته الإدارية من عدمها، بينما كان ينبغي من هذه الفئة الوقوف ضد مثل هذه الأفعال التي تشوه العملية الإنتخابية وتصبغها بلباس فئوي وقبلي مقيت، ومثل هذا المشهد موجود بالطبع في كل عملية انتخابية في أي وطن ويعتبر مشهد مسيء للعملية النهضوية والديمُقراطية بشكل عام.
واقعاً... نحتاج من الواعيين والمثقفين في المجتمع أن يكون لهم دوراً ريادياً لزيادة الوعي الديمُقراطي عبر هذه العملية الإنتخابية بتبيان الطرق السليمة سواء في الترشح من قبل المرشحين أو للإنتخاب من قبل الناخبين الكرام كي يكون الدور تكاملي لتقديم خدمة أفضل تنعكس على المجتمع والوطن.
· الإخلاص في العمل
يحتاج المجلس البلدي القادم أن يكون أعضاءه على وعي تام بأن التجربة السابقة عالقة في أذهان أبناء المجتمع بما فيها من إيجابيات وسلبيات، وما حصل في السابق من تراشق إعلامي فيما بين أعضاء المجلس البلدي السابق حول تبيان الحقائق خلال سير عمل المجلس وآلية تنفيذ القرارات لهو خطوة إيجابية بالرغم أنها أتت متأخرة إلا أنها ساعدت المجتمع في الإطلاع على حقيقة ما يدور داخل المجلس وتقييم عمله وأيضاً هي تنوية للمرشحين القادمين للعمل بإخلاص وشفافية. لذى لابد أن يكون الأعضاء على مصداقية تامة بخصوص ما سيقدم من مشاريع خدمية للمناطق وتبيان العوائق التي قد تقف حائلاً دون تنفيذ البعض منها. كما هي دعوة للناخب الكريم لإختيار المرشح الأكفأ بعيداً عن أي تجاذبات قبلية أو تيارات دينية قد تصبوا في النهاية لإختيار مرشحين ليسوا بالمهارة الإدارية القادرة على القيادة المطلوبة أو حتى المشاركة في دفع عجلة النمو والتطور والبناء في المجتمع من خلال العمل البلدي.
أخيراً ،، أدعوا من الله العلي القدير التوفيق والنجاح لجميع المرشحين في هذه الإنتخابات والإصرار والعزيمة لتقديم الأفضل من خلال المجلس البلدي القادم.