الطريق لحل مشكلة الشارع الشيعي في السعودية
سوف نبني مبادرتنا هذه على ما كتبناه سابقاً من مقالات حول ضرورة الحوار في أوقات الأزمات، والتحلي بشجاعة الحوار، سواء أكان بين فئات المجتمع الواحد، أو بين المجتمع والدولة.
فما نشاهده في أزمة الشارع الشيعي في السعودية هو خلو الخطاب من أي مبادرات حلَّ، حيث يحل الغضب والتظاهر في الشارع من قبل فئات الشباب، ويحل المظهر العسكري من قبل أجهزة الدولة.
إننا مازلنا عند الرأي الذي يقول بأن التحلي بشجاعة الحوار هو الطريق الأصوب بين الطرفين لحل مشكلة الاحتقان وإلغاء شعور الغبن والمصادمة.
وأنا هنا بكل ذلك الحب الذي أكنه لوطني ودولتي أقدم هذه الأطروحة كمبادرة لحل المشكلة عسى أن تلقى قبول كل الأطراف.
وهي تقوم على ثلاث خطوات، تنجح عندما نخلق إرادة باتجاهها وتفشل عندما نعكس اتجاه الإرادة، وبالأخص من طرف الدولة وقيادتها السياسية، فكما ذكرنا كثيراً تمتلك الدولة أقوى أوراق الحل، وهي تستطيع أن تبدأ مبادرة الشجعان لتهدئة الشارع الشيعي وسحب الاحتقان، وكل هذه الحلول نريدها من خلال معايير وطنية لا طائفية فكل من يعرف الشيعة يدرك كم هم في وجدانهم يتحلون بحب كبير تجاه الآخر ولا يشعرون بوجود أزمة مذهبية إلا من خلال شعورهم بأنهم سلبوا حقوقهم كمواطنين.
تقوم المبادرة كما قلنا على ثلاث خطوات:
الأولى: سحب المظاهر العسكرية وبالأخص قوات الطوارئ من الشارع وعودة الشرطة الأمنية الاعتيادية لحماية المجتمع.
الثانية: توقف المسيرات والمظاهرات الشبابية من الشارع.
وهاتان الخطوتان لابد أن تكونا متزامنتين مع بعض.
الثالثة: فتح حوار جاد وحقيقي وإصلاحي مع القوى الوطنية والدينية الشيعية بما فيهم فئات من الشباب مع الدولة لحل المشكلات والاحتقانات التي يعيشها الشارع الشيعي وتشعره بالغبن، وإعطاء مدة شهرين لهذا الحوار كي يتفاهم طرفا الدولة والمجتمع على حلول لتلك المشكلات بروح وطنية.
والخطوة الثالثة هي المفتاح الحقيقي للمبادرة وموافقة الدولة عليها شرط أساس لنجاحها، وإبداء وجهة نظرها سريعا، لقبول هذه المبادرة سوف يهيئ الفرصة للقوى الوطنية والدينية الشيعية لمحاورة الشباب والمتظاهرين كي يعطوا فرصة الحوار دوره خلال الشهرين المقبلين، بل ومشاركتهم فيه، فالشباب كما يبدو بدءوا يظهرون كقوة اجتماعية مؤثرة لا يمكن إغفالها أو تجاوزها أو إحداث أي غبن ذاتي من خلال تهميشهم داخلياً.
إننا إذا لم نتخذ قرار شجاعا بالحوار ومعالجة المشكلات بالروح الوطنية، وأشدد كثيراً على ذلك، فهذا يعني أننا نفقد آليات المعالجة، وأننا نقول شيئاً ونفعل آخر، وأننا نعيد ترسيخ المشكلات، وهذا منهج أعتقد أنه لا يريده المسئول ولا الوطنيون ولا المحبون والمخلصون للوطن.
إن أمنيتي من الجميع أن يتدارس هذه المبادرة بأسرع ما يكون، وأن نسمع من الدولة سريعا رداً على هذه المبادرة كي تأخذ عملية التفعيل دورها ويتم رسم خارطة عمل منهجية وفاعلة وناجحة، وأنا أدري أن هذه المبادرات قد تواجه بالتشكيك أو الرفض أو الهجوم من قبل بعض الأطراف، استناداً إلى مقولة تجربتنا السابقة لا تشجع على قبول ونجاح هذه المبادرات الحوارية، وأنا أقول لهؤلاء إن الشؤون السياسية تحتمل الوجهين فمن الممكن أن يكون الناتج هو ما يقولون ويمكن أن يكون العكس تماماً لأن الفعل السياسي فعل متحرك ويعتمد مبدأ الإرادة، والتوافق والرضا.
هذا اجتهاد رأيي أما من لديه ما هو أفضل فليقدمه، فكم نحن عطشى للمبادرات الجادة والحقيقية والإصلاح وتضميد الجراح.