فقد الشيخ العمري خسارة للعالم الشيعي
تلقينا ببالغ الأسف والحزن نبأ وفاة المغفور له المقدس سماحة العلامة الشيخ محمد علي العمري طاب ثراه نسأل الله سبحانه وتعالى أن يصب على قبره شآبيب الرحمة ويرفع منزلته إلى أعلى الدرجات في الفردوس الأعلى في جنة الخلد في مقعد صدق عند مليك مقتدر تحفه ملائكة الجبار ويشمله رضوان الله وتحيطه نفحات الآل وتغمره الكرامة الإلهية .
خسر عالم التشيع عالما خاشعا تقيا نقيا مجدا مثابرا صبورا مدافعا ومنافحا عن حريم آل محمد وعن أيتامهم مكافحا لإثبات الشيعه والتشيع في المدينه المنوره على مشرفها واله الاف التحية والسلام لم يثنه التضييق والضغط والمنع أحيانا لأداء شعائر المذهب وإمامة الصلاة وباقي النشاطات الإسلامية والإجتماعية من المناوئين فقد ثبت كالأسد أمام التحديات حتى آتى أكله وجنى ثماره وأصبحت المدينة المنورة بفضل جهود العلامة المقدس محط أنظار العالم الشيعي بجميع طبقاته ، هذه الحياة المباركة الطويلة التي قضاها في طاعة الله عز وجل ، تربى في بيئة علم ودين وفضيلة ،
تربى في بيت عامر بذكر الله حيث عاش في كنف أبيه سماحة الشيخ علي العمري حيث كانت البيئة عامرة بذكر الله عز وجل حيث تلاوة القرآن الكريم آناء الليل وأطراف النهار بالإضافة إلى التهجد بالأوراد والأدعية وتلاوة القراءة الحسينية والدروس الدينية وذكر أهل البيت هو ذكر الله عز وجل وفي هذه الأمور التربية الإسلامية الحميدة التي تنشيء الإنسان تنشأة طيبة ومستقيمة ، العمري استنار من هذاالبيت الإيماني المستقيم ، اشتغل بالتحصيل مجتهدا مثابرا ولم يمنعه التحصيل العلمي من العمل لأجل الكد على نفسه وعلى عياله والكاسب حبيب الله فكانت ميزة تضاف اليه أيام كونه طلبة منتم إلى طلاب الحوزات العلمية ، اشتغل بالعلم والعمل وحصل على ثروة علمية تخصصية بالإضافة إلى الثقافة الخارجية العامة غير المنهج الحوزوي فنال ثقافة واسعة في دنيا المعرفة
والذي عاشره يعرفه مدى اطلاعه وخصوصا في الكثير النافع من روايات أهل البيت وكنا نستمع إليه وهو يقرأ تلك الروايات من الكتب المختلفة ولكن نعلم أنه حافظ أكثر الذي يقرؤه ، اشتغل بالتبليغ لأحكام الله عز وجل فكان معلما لسنوات كثيرة ولم ينقطع عن التعليم حتى في تعبه ومرضه وكذلك تعليم سيرة أهل البيت ، وأخذ المجتمع الشيعي المدني إلى الرقي فيكونون قدوة لغيرهم من اهل المذاهب الإسلامية على حسن سمتهم واستقامتهم فكان مجتمعا متحضرا مدنيا بمعنى الكلمة ، أهل المدينة زادهم الله توفيقا يحافظون ويأتمرون بتوجيهات وإرشادات قائدهم ومرشدهم الديني في الأحكام والسلوك وغير ذلك ، الشيخ محمد علي العمري يحمل فضيلة علمية بالإضافة إلى حزمه وإرادته القوية التي لاتهزها الهزات ولاتؤثر عليه المؤثرات الحزبية والفئوية فلم ينتم إلى حزب ولم يتعصب إلى عالم معين أو جهة معينة فانتماؤه إلى المرجعية الدينية
وهي الإمتداد الطبيعي لسيرة أئمتنا المعصومين عليهم السلام وحبه وفتح صدره وقلبه لجميع اطياف الشيعة بجميع توجهاتهم وأفكارهم فكان شخصا قياديا مستقلا يسير بسيرة أهل البيت فقد كانت سيرته الطيبة المعطاءة في محل رضا لأهل البيت فكان الموقف الذي يتطلب فيه التقية والمداراة والحفاظ على شيعة المدينة وماجاورها وكذلك الزوار الذين يتوافدون على المدينة يحافظ عليهم لإستخدامه الإسلوب الهاديء المناسب . حافظ على الكيان الشيعي في المدينة المنورة وإذا كان موقفا يتطلب فيه الشجاعة وإبداء الكلمة فإنه لايتأخر في طرحه فكان بحق الرجل المناسب في المكان المناسب ، يتكلم بمقتضى الحال ومايتطلبه الموقف الحياتي النافع
وذلك لفهمه لأمور دينه ودنياه وآخرته ، أملنا في أخينا العزيز والحبيب إبنه البار سماحة الشيخ محمد كاظم العمري أن يكمل مسيرة هذا القائد الفذ والعالم الرباني والمتهجد العابد فهو خير خلف لخير سلف فالشيخ كاظم له لمسات طيبة ومبادرات عظيمة وأعمال جبارة شجاعة ونشاطات واسعة من أيام صباه نعرفه جيدا ،نحضر ندواته ومجالسه معلما ومرشدا ومدرسا للعقائد الإسلامية والفقه والثقافة الإسلامية .نتمنى من أخينا العزيز أن يكمل مشواره العلمي ليحصل على مرتبة الإجتهاد التي لاينالها إلا ذو حظ عظيم فإنه أهل أن يكون كذلك فله استعداد كبير فنعم الوالد وما ولدا ونسأل الله أن يربط على قلبه وقلوب ذويه ومحبيه وأن يعوض الشيعة عن هذه الخسارة الكبيرة .