ملاحظات مع الأستاذ محمد الشيوخ
لمعرفتي أن أخي وزميلي وصديقي الأستاذ محمد الشيوخ لايمانع الإنتقاد ويعتبره ظاهرة صحية وبحسبه لا أحد فوق النقد فإني أعرض هذه الملاحظات وأستميحه عذرا .الأستاذ الكاتب الشيوخ جاء بانتقاد في غير محله حين يقول أن الخطاب الشيعي التقليدي يركز على مظلومية الزهراء وسماتها في حين يتجاهل كليا دورها السياسي في الأمة فهذا مردود عليه جملة وتفصيلا فإن التركيز على مظلوميتها هو عين دورها السياسي فإن مظلوميتها لم تتمثل في الأذى الذي حل بها على بيتها وعلى جسدها حتى لفظت أنفاسها الأخيرة بأبي وأمي وهي نحيلة الجسم مقروحة الفؤاد ، فهي لم تتألم على إيذاء نفسها بقدر ما تألمت على الدور السياسي الذي هو يدعي أن التقليديين في نظره أغفلوه فإن المثقفين لم يكن دورهم في بيان الشأن العام الذي أثارته السيدة فاطمة الزهراء في خطبتها العصماء ذي المضامين العالية التي تتضمن المعارف الإلهية والأخلاق والأداب والسلوك وفلسفة العبادات وغيرها من الأمور أكثر من علماء الحوزة العلمية فقد أسهبوا في هذا الجانب ، فقد تعرض السيد الشهيد الصدر في كتابه فدك الى الدور السياسي والإقتصادي والقضائي ودور المكارم وإشارته إلى تميز فاطمة وعلي عليه السلام وكفاءتهما معا على صحابة رسول الله جميعا . وبين في تلك الحقبة الحق وماتتمتع به السيدة الزهراء عليها السلام من مزايا ومؤهلات عظيمة من صفات أخلاقية عالية وحمل علم ومعرفة لا أحد يضاهيها من نساء الأمة وأعظم ثائرة في وجه المنقلبين ضد زوجها الإمام الشرعي والخليفة الشرعي حسب الأدلة الشرعية عند المسلمين وليس الشيعة فقط ، وأن مطالبتها بالحقوق المغتصبة كان هدفها ذات أبعاد وليس يختص بالأمور المالية وكان هدفها سياسيا وهو ارشاد الأمة إلى إمامهم الشرعي ليستقيم أمر الأمة وقد بينت في خطبتها الشريفة إن إمامتهم أمان من الفرقة . ومن الكتب التي تحمل معارف عن الزهراء كتاب فاطمة من المهد إلى اللحد للسيد محمد كاظم القزويني فهو يبين عظمة فاطمة ولم يركز على جانب المظلومية فقط . على أن استعراض مظلوميتها يمثل الجانب السياسي ، إلا إذا كان الكاتب محمد الشيوخ لايحبذ الكلام عن مظلومية الزهراء لأنه يثير حفيظة بعض المسلمين هذا شيء آخر . وأنا أختلف مع الأخ الشيوخ أن التقليديين لم يبرزوا صورتها المشرقة حين أن الناس لم يطلعوا على المعارف في السيدة الزهراء. ارجع إلى كتاب الكلمة الغراء في تفضيل الزهراء للسيد عبد الحسين شرف الدين لترى الصورة المشرقة التي ليس فيها تدليس وفيها معارف حقيقية ولاتحمل شبهات فكرية تصطدم بمدرسة أهل البيت خلافا لبعض الكتاب الذي ربما سعادته يميل إلى هذه المدارس الفكرية. بل الصورة المشرقة التي استنار العلماء من خلال الأخبار والبعض يعتبرها غلوا والبعض يستكثر على فاطمة الزهراء الصور المشرقة لجهل أو لم يقبلها العقل القاصر أو لم يستأنس بها أو لاتعجبه. وقول الشيوخ أن الخطباء بالغوا في التركيز على الظلامة فإنهم مأمورون من أئمتهم أن يحدثوا شيعتهم ما جرى عليهم من مصائب وإن عدم ذكر مظلوميتها يعتبر تعتيما على الأمة وتضليلا إعلاميا لا أنه تخدير للأمة بل هو لتوعية الأمة لأنه إذا أخبرت الناس أن هؤلاء علل الخلائق وهم أفضل العالم والناس ظلمتهم وقتلتهم وعذبتهم وأقصتهم عن مراكزهم القيادية فإن هذا الأمر توعية للأمة وليس تخديرا لها . وقد أتفق مع الأستاذ محمد أن بعض الجوانب الإجتماعية مغيبة وقليلة التناول ولكن في بطون الكتب مطروحة وموجودة ولكن الناس لم يطلعوا على ذلك . نقترح على أهل العلم والخطباء والموجهين أن يروجوا هذه الجوانب المهمة لتستفيد الأمة من هذه الصور المشرقة والحمد لله رب العالمين .