جائزة القطيف أحيتنا بعد أن جفّت الدماء في عروقنا.. استمر، أستاذ سعيد!
م أكن أنوي في الحقيقة أن أردّ على المقال الذي كُتب في الجائزة، وطعن في مصداقيتها، ولكن اسفتزني «كقطيفي»، قبل أن أكون فائزاً بهذه الجائزة.. أن تكتب كلمات كما كُتب في حقّ هذه العفيفة!
لن أشتم، ولن آمر، ولن أتعامل بأسلوب يتعامل به من هم أقل من «15 ربيعاً».. لن أطعن في مصداقية، ولن أتهكم على أحد.. فأنا ارتقي بنفسي، وبقطيفي التي منحتني شرف تمثيلها في المجال الذي لطالما تميّزت به وأُشير لها منه بالبنان.. سأمنع أناملي عن كتابة حرف قد تلام عليه، وتتهم بالانحراف عن جادة الطريق الذي رسمته انطلاقاً من أوامر ربها عزوجل.. وعندما تسير تتبعاً للخط الواظح الذي خطّه لنا رسوله الكريم وآله في الرد.. سأطلق لها العنان!
أخي الكريم، كاتب المقال.. سأسألك في البداية.. هل قرأت شيئاً لـ " طفل الخامسة عشرة "؟
هل تحدّثت على انفراد مع ذو الخامسة عشرة والذي قال صديقك بأنه "صغير وهذا من باب التشجيع له كي يستمر في التقدم الأدبي "؟
قبل أن تتهجم على جائزة كهذه، سُهر لإجلها ليالٍ طويلة، وبذلت لأجلها مبالغ طائلة، ومنها خرج الكثيرون وهم ينثرون ورود أمل قد جفّت بعد انقطاع الرجاء من وجود من يمسك بأيديهم ليحملهم منتشلاً إياهم من الظلم الذي يعيشونه والصدّ الذي يلقونه من جميع الاتجاهات كونهم " قطيفيون"..
قبل أن تتحدث بهذا الأسلوب الإنفعالي الذي استغربته حقاً، وما أثار ريبتي، هو أنك سلّمت عليّ وهنّأتني كثيراً وأخذت رقمي وطلبت التواصل معي «رغم أنني في الـ "15 ربيعاً "».. هل استحضرت، وتخيلت نفسك محل ذا الـ " 15 ربيعاً " وهو يقرأ مقال كهذا يطعن فيه، هلّا تخيلت نفسك وأنت مكانه وهو يقرأ مقال ينادي بالعدل والإنصاف، ويعلن بصوت عالٍ أن الجائزة أجحفت الكبار وأكرمت الصغار ومن هم دون المستوى بشكل ساخر.. وتقول أن الجائزة أُعطيت لهذا الطفل من باب التشجيع له، أو المجاملة!
أعترف أنني تضايقت، ولكن لم أسمح لنفسي أبداً بأن أتراجع ولو لخطوة واحدة إلى الخلف، أو أن أتستر وأختفي بعيداً عن العيون ولا أردّ ولا أدافع!! لم أسمح لمقالك أبداً بأن يشككني في نفسي وقدراتي، فأنا لست بحاجة لمن يطعن فيّ دون أن يطّلع على حرف من كتابتي.. ولم استغرب أن تطعن فيّ، فمن طعن في جائزة تحمل في صدرها اسم " القطيف " - القطيف التي لطالما حملتك أنت وذو الخمسة عشر عاماً هذا فوق ظهرها ورعتك وأوصلتك لما أنت عليه الآن - ثم تتطاول عليها «وليس لأول مرة» بمثل هذا المقال، فلا عجب أن تطعن في هذا الصغير!
هل لي بسؤال أخي العزيز؟
لمَ قُتل إبداع الكبار ممّن يستحقونها، وأغاضهم ذلك «كما تقول»؟ هل قرؤوا لهذا الهزيل؟ أم أن كبريائهم، وارتقاؤهم فوق برجهم العاجي يمنعهم من تقبّل فكرة صعود فتى كـ ابن سليس ليستلم الجائزة؟ أم أنهم كانوا موقنون باستحقاقهم لها، وينتظرون الإعلان عن أسمائهم؟ أم أنهم أحسّوا بالإهانة لأنهم لم يكرموا للحصول على جائزة كجائزة القطيف ومنهم من " حقق إنجازات على الصعيد الشعري "؟ لمَ تغضب..؟ ما الذي يغضبك من جائزة غير عادلة.. قائمة على الظلم، يفوز بها فتى في الـ 15 «مجهولة كتاباته حتى الآن» وهناك من هو أعلى منه بكثير؟ لم قد يحتاج الكبار الذين ذكرتهم إليها وهم يرون أنهم وحدهم من يجب أن يأخذها؟ لم لم يشعروا بالفخر كأمثالهم لأن فتىً من القطيف و" في الخامسة عشر من عمره " يفوز بجائزة ينافسه عليها 49 أديباً منهم من له باعٌ طويل في الأدب.. وله إنجازات على الصعيد الشعري؟! مع أنني لمَ أرَ أياً ممّا ذكرت، بل بارك لي الكثير من المتسابقين، وأخذوا معلوماتي وإلى الآن يتواصلون معي، وهم فخورون جداً بتلك النتيجة!! ولكن يبدو أن من تكلمت عنهم في مقالك عدد قليل يكاد أن لا يذكر ممن يحملون الفكر السقيم ذاته..
استغرب حقاً كيف لمقال كذاك أن ينتشر بسرعة البرق في كثير من المواقع، وكأنه أفعى تكبر كل يوم بما يقدّمه لها أصحاب النفوس الضعيفة التي مازالت تحمل في جعبتها الكثير لتطعن به قطيفي الجميلة في ظهرها، ويأتي مقالك كوجبة دسمة لهم.. لتشبعهم وتملىء بطونهم، ظناً منهم أن الوفاء مات في هذه الأرض.. وليس فيها من يردّ ويقف في وجه التيار!!
هل لك أن تتخيل، أخي الكريم.. ماقد يقدمه مقال كهذا لمن يترصدون للقطيف من كافة النواحي، ونحن في غنىً هُنا عن الكلام، فالكل يعلم ماهي القطيف، وماذا تمثل القطيف، وماهو مدى العداء الخفي للقطيف خصوصاً!
هل تعلم أخي العزيز «وأعلم أنك تعلم بهذا» كم يؤذي تقدم القطيف وتطورها تلك الأطراف؟ هل تعلم أن انبثاق جائزة كـ " جائزة القطيف للإنجاز " يندد بصحوة قد تغيّر جميع التوقعات وتقلب كافة المقاييس؟ هل تعلم أن الكثيرين يحسدون القطيف على هذه المبادرة العظيمة التي تقدم بها الأستاذ سعيد ويتمنون انتهاءها بأسرع وقت؟ ولك الحق بتخيل ماقد يقدمه لهم هذا المقال، وكم من باب للأبواب سيفتح لهم ليطعنوا في القطيف وجائزتها.. وخاصة بأنه من شخص قطيفي منها وفيها!
قبل أن تطالب باستقالة أحد.. هل لي بأن أوظح لك لم لم تعرف أنت ومن يفكرون بمثل هذا التفكير ماذا قدم هذا الطفل؟ لأنه ببساطة، لم يكذب.. ولم يحرّف، ولم يخالف لكي يُعرف، بل مشى بهدوء.. وبعيداً عن الضجة، واكتفى بأن يدعُ الله ليوفقه ويبعده عن الشرور فقط!! وكان الله نعم المجازي!
هل تعلم أن هذا الفتى، بدأ مسيرته الأدبية الفعلية منذ أن كان في السادس الأبتدائي، وكانت بداية شعرية خفيفة، ولكنه لم يلقَ إلا تشجيع بسيط ممن هم حوله فقط.. وأشياء بسيطة وهدايا رمزية جداً جداً تكاد تذكر.. ولكن مع ذلك واصل واستمر، ولم ينتظر مبادرة أحد ليعرّفك عليه!
هل تعلم كم دُفِن هذا الفتى بين المنتديات التي سرقت مجهوده طويلاً، ورضي بذلك.. لأنه لم يجد سوى ذلك الوادي لينزف فيه كلماته التي قد شارفت على الذبول لانقطاع الماء الذي لم تعرفه أصلاً؟
هل تعلم أنه كان يسكت.. وهو يرى فتاة في الرابعة عشر من عمرها، يكرمها خادم الحرمين الشريفين بنفسه كأصغر روائية، بينما كان هو يكتب وهو في الثالثة عشرة؟ على تعلم أنه كان ينظر ببسمة ترقّب إلى الكثيرين وهم يكرّمون على كلمات بسيطة يصففونها بجوار آبائهم لينالوا ما نالوا من جوائز..
هل تعلم أن ذو الخمسة عشر عاماً، شارك في ملتقى بمكة المكرمة للقصة القصيرة - بعد كتابته لروايته التي شارك فيها بنصف سنة -، وفاز بالمركز الأول على مستوى المملكة كاملة بقصة قصيرة، وكانت جائزته.. أن تنشر قصته في الجريدة، وحسب!!
وعندما تسألني لم هذا التجاهل، ولم لم تعرف أنت ومن شاركك الرأي الفائز ذو الخمسة عشر عاماً قبل الجائزة.. سأجيبك ببساطة، لأنه قطيفي!
وعندما تأتي هذه الجائزة لتروي ظمأ فؤداه الذي لطالما عانى بصمت، وتفتح له أبواباً جديدة، وتعوّضه عن سنيّ الحرمان والظلم، ولتعرّف الناس بفتى كل جرمه أنه قطيفي، يأتي أخ كريم مثلك بعد أن يهنئه في الليل ويطلب رقمه، ليكتب مقالاً يطعن فيه نهاراً!
أخي الحبيب.. هل لي بأن أصحح لك بعض المعلومات والأفكار المغلوطة التي قد تجاسرت بها عليّ وعلى الجائزة؟
من قال لك أن روايتي التي قد شاركت فيها في العام السابق هي ذاتها التي شاركت بها هذه السنة؟ بإمكانك مراجعة الجائزة ومسؤوليها – إن كنت لا تثق في فتى الخامسة عشرة – وطالب بروايتي التي شاركت بها في العام السابق، وروايتي التي شاركت فيها هذا العام.. وإن كانت نفسها، فخذ الجائزة التي يحسدني عليها أنت ومن ينادي بما تنادي به!
أظف لمعلوماتك، أن إدارة الجائزة طلبت منّي نشر الرواية على الموقع الخاص بها، ولكنني رفضت، لأنني وجدت في ذلك ظلم لروايتي بأن تنشر على الإنترنت قبل صدورها ككتاب بدأت تتوافد المطابع من كل حدب وصوب لطباعته.. بل سأجعل روايتي عندما تطبع، رداً عليك أنت وجميع من يقول بظلم جائزة القطيف وعدم إنصافها..
علماً بإنني قد اطّلعت على الفيديو الذي يعلن فيه الدكتور المصري السيد خطّاب النتيجة كاملة، ويعلن فيها حصول علي سليس على المركز الأول.. بدون علمٍ منه بمن يكون وكم عمره!!
أتمنى أن يكون مقالي هذا رد على تسؤالك في الشطر الأخير من مقالك الجميل.. وأن تختار أحد الخيارين الذين قد حصرت نفسك بينهما.. أو اترك المجال للناس لكي تجيب!
فسيري ياقطيفي.. واستمري بجائزتكِ التي ستمنح الحياة للكثيرين من بعدي كما منحتني.. وانتشليهم من واقعهم الأليم، كما انتشلتني، وامنحيهم الروح والأمل.. واسمحي للعالم القاسي، وأخوتهم الذين من المفترض أن يقفوا بجانبهم ووقفوا ضدهم.. أن يعرفوا أنكِ تحملين في داخلكِ الكثير، وأن أطفالكِ، وشبابكِ، وكهولكِ، وأبناء الخمسة عشرة.. يحملون الكثير في داخلهم.. وقادرون على إعطاء الكثير.. لأنك أمهم.. ومسقط رأسهم..
