كيف نُحول الفشل إلى نجاح؟
”دع القلق وابدأ الحياة“، هو الكتاب الأشهر لعرّاب مدرسة وفلسفة التطوير والتحفيز الذاتي الأميركي ديل كارنيجي ”1888 - 1955“، والذي شُغفت بقراءة قصصه الملهمة التي غيرت الكثير من المفاهيم والعادات، وهذه القصة الرائعة التي سأوردها هنا تؤكد قيمة وروعة أسلوب ومنهجية هذا الكاتب الملهم:
”اشترى أحد الأشخاص مزرعة لم يكن قد رآها من قبل، ودفع كل ما يملك من مال جمعه طيلة حياته ثمناً لها، وحينما زارها للمرة الأولى، صعق وكاد أن يجن، حيث كانت أرضاً قاحلة وتربتها مجدبة، ولا تصلح للزراعة أو الرعي، وكل ما ينمو فيها عبارة عن أشواك وأعشاب فطرية تقتات عليها الأفاعي السامة التي تنتشر بكثافة وبشكل مروع في كل أنحاء هذه المزرعة اللعينة. كاد الحزن أن يقتله، وتبخرت كل أحلامه وآماله التي كان يُمني نفسه بها بالحصول على الثروة من محصول هذه المزرعة. وبينما هو غارق في حزنه وبؤسه ويلوم نفسه ويندب حظه، خطرت فكرة، قد تكون حلاً منقذاً لتحويل هذه الكارثة المريعة التي وقع فيها إلى فرصة رائعة، قد تعوضه عن هذه الخسارة الكبيرة. بدأ بتعهد تربية الأفاعي السامة المنتشرة في كل مكان في مزرعته، ولم يمضِ وقت طويل، حتى أصبحت أول مزرعة في العالم لتربية الأفاعي السامة، تتقاطر عليها الأفواج السياحية من كل أنحاء أميركا وخارجها لمشاهدة الأفاعي السامة في هذه المزرعة التي أصبحت تُمثّل تجربة لا مثيل عند السياح من كل العالم. ولم يكتفِ بذلك، رغم الأموال الطائلة التي كان يحصل عليها من زيارة“ سياح الأفاعي السامة ”، ولكنه قام باستثمار كل ما يمكن الحصول عليه من تلك الأفاعي السامة، فقد أنشأ معملاً لاستخلاص سمومها لصنع الأمصال المضادة، كما استفاد من بيع جلودها بأسعار خيالية لتُصنع منها الأحذية الفخمة والحقائب النسائية، بل إنه جنى ثروة كبيرة من بيع لحوم هذه الأفاعي السامة بعد حفظها في علب وتصديرها إلى عشاق هذا النوع من اللحوم في كل أنحاء العالم“.
إن هذه التجربة المثيرة والثرية التي عاشها هذا الرجل سيئ الحظ الذي وضع كل ما يملك من مال جمعه خلال سنوات عمله الطويل في هذا المشروع الفاشل، وكيف استطاع أن يُحول خسارته الكبيرة إلى نجاح باهر جعله من الأثرياء والمشاهير، تكتب فصلاً جديداً ومثيراً في طبيعة وظروف هذه الحياة التي لا يمكن التنبؤ بتحولاتها ومآلاتها. إن ما يحدث لنا من خيبات وانكسارات وأزمات في هذه الحياة، شيء مؤلم، لا شك في ذلك، ولكن الحياة هكذا، لا تستمر على وتيرة واحدة، فقد تُجرّعنا السم، وقد تُسقينا العسل. تلك هي الحياة التي نعرفها جيداً، ولن تتغير، ونحن فقط من يجب علينا أن نتغير ونتكيف ونتطور، ونسعى بكل ما نستطيع لأن نستثمر كل النجاحات والانتصارات والإيجابيات التي نحصل عليها في حياتنا، تماماً كما علينا أن نتعاطى مع كل ما نواجهه من خسارات وخيبات وسلبيات بشيء من الرضا والصبر والذكاء لنحول تلك المحن المدمرة التي نسقط فيها إلى منح مفيدة نتعلم منها الدروس والعبر.
الفرص قد لا تأتي على هيئة عطايا ومنح ولكنها قد تكون على شكل صعوبات وتحديات، وهنا يأتي دورنا في كيفية فرز وإدارة كل ذلك، الأمر سيقودنا، إما إلى الغرق وسط أمواج اليأس والحسرة أو النجاة بطوق الأمل والإصرار.