كمالة عدد
شعورك بأنك كِمالة عدد شعور صعب ومؤلم، يضعك في خانة اللادور، ويجعلك لا تقوم بالمهمة المنوطة بك كما ينبغي، بل كما أراده ورسمه مَنْ وضعك في ذلك المكان، فما أنت سوى كمالة عدد ليس إلا، فلا قيمة حقيقة لك، ولا دور واضح، فلا يعول عليك في شيء إلا في إبقائك كرقم صفري على اليسار، وإن جاهدت بأن تعكس اتجاهك إلى اليمين، فقد صنعت لنفسك عبئًا جديدا وتحديا كبيرا، وربما خانة حقيقية ذات قيمة في قادم الأيام إن انتصرت في تلك المعركة غير المتكافئة.
تبقى «كمالة العدد» هاجسًا يؤرق من يدرك خطرها وأثرها، وعملية البحث عن حلول مناسبة لتقوية ذلك العدد وتحويله إلى اليمين هي عملية معقدة تحتاج إلى سلسلة ممتدة من التفكير الواعي واللقاءات والخطط؛ حتى تكون القرارات المترتبة عليها سليمة وتصب في مصلحة مَنْ تُقدّم له الخدمة. إن الحلول السليمة لا تقوم على المتاح فقط، حتى لو كان ذلك المتاح غير كفء، ونحن عندما نضع أحدا في هذه الخانة فلا بد لنا من أن ندرك بأننا عقدنا معه اتفاقا ضمنيا هشًا مترهلاً وغير معلن، يشتمل على البنود التالية:
- هذا المجال ليس مجالك.
- أنت لا تفقه شيئًا فيما أوكل إليك.
- لا لوم عليك مهما كانت النتائج.
- «مَشِّ» الموضوع.
ودعوني هنا أتوقف عن ذكر بقية البنود لأنها ستكون موجعة وعلى شاكلة ما سبق من بنود.
هذا الضوء الأخضر - الذي صنعته تلك البنود - في واقعه أحمر مخيف؛ لأنه سيلازم فكر وسلوك من يكلف بهذه المهمة، وسيجعله في صراع بين أن يطور من نفسه «مرغمًا»؛ كي يكون مناسبا للمكان الذي وضع فيه، أو أن يمارس سياسية «التطنيش» فلا يعد يهتم بأي شيء سوى تنفيذ ما يطلب منه بأقل جهد ومستوى، وربما بدون مستوى.
كِمالة العدد ربما تكون مقبولة ومقنعة لو كانت في أمور بسيطة لا يترتب عليها مستقبل فئة كبيرة ومهمة في المجتمع، لكن أن تكون في أمر كبير وحساس يتعلق بصناعة جيل، فلا بد لنا من أن نعارضها دون رفضها، وأن يكون منطلقنا هو رسالتنا التربوية والتعليمية والاجتماعية التي هدفها الأول هو مصلحة ذلك الجيل.
الخطط المدروسة والإجراءات الواضحة والبرامج التطويرية الحقيقية المقدمة، كل ذلك سيسهم في إلغاء كمالة العدد؛ ليتحول إلى دور رئيس وفاعل، يؤدي المهمة على أكمل وجه وأبهى صورة؛ فيكون القبول هو العنوان البارز في بادئ الأمر، ومع نضج التجربة والممارسة نصل إلى درجة النجاح بإذن الله.