الحسين (ع) الغاية والهدف
ونحن ما زلنا نحيي أيام عاشوراء الأمام الحسين والتي لا تنتهي بوقت ولا بزمن، نقف على سيرته العطرة وإشتياقه وأصحابه للشهادة حبآ في لقاء الله تعالى، أرخصوا كل غال ونفيس وسطروا المواقف الإيمانية والملاحم البطولية سلام الله عليهم أجمعين في نصرة الإسلام ورفع كلمة الحق والعزة والكرامة.
هنا تأتي خلاصة الغاية والهدف فلا يوجد في خلده سلام الله عليه، أي شيء دنيوي أو شخصي، غير ما أراده الله له في الشهادة والخلود وذلك ماقاله له جده رسول الله صل الله عليه وآله وسلم ”أن لك درجات عند الله لن تنالها إلا بالشهادة“ ومن معالم معركة كربلاء المقدسة هو الجانب الإنساني والأخلاقي الرفيع بما في الكلمة من معنى، والتي تتجسد في عدة مصاديق أبرزها، الوفاء والإخلاص والتضحية والفداء والغيرة والمبدأ وكلها قيم حث عليها الإسلام ودعى لها وقد جسدها أبا عبد الله الحسين واصحابه الأوفياء يوم عاشوراء.
فالحسين وفي اول لقاء عسكري مع العدو قال لإصحابه اسقوا القوم ورشفوا الخيل ترشيفا، حينما رآى بأبي وأمي، عدوه يعاني من العطش بل أنه سلام الله عليه سقى أحد اعدائه وهو علي بن طعان المحاربي الذي كان من الذين مارسوا العسف والأعتداء على جسد الحسين الطاهر.
هذا النقاء من سيرة الأمام الحسين يعتبر حجر الأساس في هذه المعركة التي سطرها التاريخ، حتى أن الأمام الحسين قال لأصحابه " اني اكره أن ابدأهم بقتال بل مارس الوعظ والأرشاد لمنع القتال.
فمضى يوقض الناس للرشد
وهم في كرى الظلال رقود
وفي المقابل نجد الطرف الآخر يجسد كل أنواع السلبية والجريمة النكراء والأعتداء والخروج عن القيم والمبادئ لدرجة انهم بعد قتل الحسين قاموا بابشع الصور واعنف الأفعال، اعتدوا على الأجساد الزكية وسبوا النساء وحرقوا الخيام وشردوا الأطفال وكلها أعمال غير اخلاقيه ولا إنسانية حرمها الله عز وجل ونهى عنها رسوله صل الله عليه وآله وسلم، حتى انهم لم يتورعوا من ذبح رضيع لا ذنب له ولا جرم، بل قام قوم منهم بنبش قبره ونحره لأقتسام الرؤوس وهي أكبر جريمة عرفتها البشرية حتى الآن، فأي عقيدة واي إنسانية هذه!!
أن هذا النقاء في هذه القيم والمبادئ الذي يمثلها ابا عبد الله الحسين واصحابه هي المنارة لنا والمنهج الصحيح لتنظيم الحياة في الوقت الحاضر في ضل تداعي الأمم وتكالبها واندفاعها على أغراءات دنيوية ومادية رخيصة وهي نفس المبادئ التي مارستها عنوة تلك الأنفس البشرية الضالة قتلة الحسين واصحابه.
هذه الرسالة التي رسمتها كربلاء الحسين، تمثل حاجة اساسية للأمة قاطبة في هذا الوقت ونحن ننشد المستقبل الأفضل، هكذا هو الأمام الحسين، حدث تاريخي ونموذج يرسم مستقبل البشرية جمعا، وتجمع عليه الفرق والأديان والمذاهب والتوجهات، لذلك فالحسين، عليه افضل الصلاة والسلام سيرة عطرة لا يتوقف شداها على ممر العصور.