وقفات إجتماعية رقم «1»
«المقارنة بين الآخرين»
من الجميل أن نرى نجاحات الآخرين وأن نعيش نجاحًا لنا أيضاً حيناً بعد حين نتذوق حلاوة المجهود والوقت المبذول نجني ثمار هذا النجاح ولا نغفل بالمقابل عن جانب الفشل فهو يعتبر لدى الكثير دافعا للنجاح.
يجب أن نعلم في البداية أن لكل منا دوره الواجب عليه تأديته، والمختلف عن دور الآخرين في محيطه. المقارنة مع الآخرين لها حدود، ولا ينبغي أن تصل للحقد والغل أو ربما الكره في النهاية، يمكننا الإستفادة من المقارنة بأن نحسن من أنفسنا في الدراسة أو بيئة العمل مثلًا، ولكن تحدث هذه المقارنة بضوابط لا تعدل عنها. وأظن أن الشخص الذي يثق في نفسه وقدراته، لن يضطر إلى اللجوء للمقارنة أساسًا.
وفي هذه المقالة سوف أسلط الضوء على المقارنة في مجتمعنا بين شرائح عدة ومواقف مختلفة، التي توقف عجلة التنمية وتؤخر تطور الإنسان بنفسه.
للمقارنة أنواع كل نوع منها إما أن يكون سلبي أو إيجابي، لكن مع الأسف، فمعظم البشر يستخدمونها بصورة خاطئة وتؤدي إلى نتائج سلبية وربما تنهي بالقضاء على الذات إن توصلت إلى أفكار السلبية.
المقارنة مع الآخرين:
أشخاص كثيرون يقارنون أنفسهم بمن حولهم، سواء أكانوا من الأخوة أو الأقارب أو زملاء العمل، وحتى الدراسة، فالسعي نحو الأفضل يجعل الشخص يدور في دائرة المقارنة بالآخرين ليكون أفضل حالا منهم، حتى وإن كانوا من المقربين.
تعتبر مقارنة أنفسنا ببعضنا البعض سلوكاً بشرياً طبيعياً لمساعدتنا على العيش كمجموعة متماسكة، والتعلم من بعضنا البعض، واستكشاف وفهم مكانتنا في الحياة، ولكن كيف سيعرف الشخص أنه في المراتب الأولى أو الأخيرة اذا ما نظر إلى الاشخاص بحوله ويقارن نفسه بهم؟
ومقارنة نفسك مع الآخرين هي عادة سيئة تسبب الضيق والإحباط والنقصان في الثقة بالنفس. وللتخلص من هذه العادة، يجب أن تتبع بعض النصائح والخطوات التي تساعدك على تقبل نفسك وتقدير ما لديك من مزايا وإمكانيات.
حدد ما يحفزك على المقارنة وتجنبه: قد تكون المقارنة ناتجة عن ضغوط اجتماعية أو عائلية أو مهنية أو شخصية. حاول أن تتعرف على مصادر هذه الضغوط وتبتعد عنها قدر الإمكان. كما يمكنك تقليل وقتك على مواقع التواصل الاجتماعي التي قد تزيد من شعورك بالغيرة أو الحسد من حياة الآخرين.
تذكر أن الصورة ليست مكتملة: عندما تقارن نفسك بالآخرين، فأنت ترى جزءًا صغيرًا من حياتهم، وليس كل شيء. قد يظهر الآخرون سعادة أو نجاحًا أو جمالًا، ولكن هذا لا يعني أنهم لا يواجهون مشاكل أو صعوبات أو نقائص. لا تحكم على الأشخاص من ظاهرهم فقط، ولا تستخف بمشاعرهم أو تجاربهم.
ألزم نفسك بالامتنان: كُن شاكرًا لما لديك من نِعَم وبركات، سواء كانت صحية أو مادية أو عائلية أو روحية. اكتب قائمة بالأشياء التي تشعر بالامتنان لها في حياتك، وراجعها كل فترة. كما يمكنك مشاركة شعورك بالامتنان مع الآخرين، والتعبير عن تقديرك لهم.
اجعل المقارنة دافعًا: إذا شعرت بالإعجاب بشخص ما أو بإنجاز ما، فلا تدع ذلك يثير فيك الحسد أو الضغينة، بل اجعله دافعًا لتحسين نفسك وتطوير قدراتك. استفد من خبرات الآخرين وطلب منهم المشورة أو المساعدة إذا احتجت. كما يمكنك تحديد أهداف واضحة ومحددة لنفسك، والعمل على تحقيقها بجد وإصرار.
ركز على نقاط قوتك: لا تنظر إلى نقاط ضعفك فقط، بل انظر إلى ما تمتلكه من مهارات ومواهب وإمكانيات. اعرف نفسك جيدًا، واكتشف ما يميزك عن الآخرين. اعمل على تنمية نقاط قوتك، واستخدامها في خدمة نفسك والآخرين. كن فخورًا بما أنجزته، ولا تستصغر جهودك أو اسهاماتك في محيطك الأسري والإجتماعي.
المقارنة السلبية:
مثالا على المقارنة السلبية مع الآخرين هو أن تقول لنفسك: أنا لست ذكياً مثل فلان، أو أنا لست جميلاً مثله، أو أنا لست غنياً مثلهم. هذه المقارنات تسبب في الشخص شعوراً بالنقص والحسد والضيق، وتمنعه من رؤية قيمته وإمكانياته الحقيقية. كما تجعله يغفل عن الفروق بين الأشخاص في الظروف والمواهب والفرص، وتجعله يركز على الجانب السلبي من نفسه والإيجابي من الآخرين. هذه المقارنات لا تفيد في شيء، بل تضر بالثقة بالنفس والرضا عن الذات.
مقارنة الشخص باخر في التعليم والتفوق في بيئة العمل وفي امتلاك المال هي ممارسة غير صحية وغير مجدية، فكل شخص له ظروفه ومساره الخاص في الحياة، ولا يمكن قياس النجاح بمقاييس ثابتة أو موحدة. بدلاً من المقارنة، يجب على الشخص التركيز على تطوير نفسه وتحقيق أهدافه الشخصية والمهنية، والاستفادة من التعليم والعمل كوسائل للنمو والتحسين، والتعامل مع المال بحكمة ومسؤولية. كما يجب على الشخص أن يكون راضياً عما يملك، وأن يشكر الله على نعمه، وأن يسعى للخير لنفسه ولغيره. هذه هي الطريقة الأفضل لتحقيق السعادة والرضا في الحياة.
المقارنة الإيجابية:
المقارنة الإيجابية هي التي تهدف إلى تشجيع الشخص على تطوير نفسه واكتساب مهارات وخبرات جديدة من خلال الاستفادة من نقاط القوة والضعف لدى الآخرين.
مثال للسلوك المقارن الإيجابي.
عندما تقارن نفسك بشخص لديه مجموعة من الصفات والميزات التي تعجب بها. بدلاً من الإكتفاء بالشعور بالحسد على أحد الأشخاص لما لديه من صفات جيدة.
على سبيل المثال هو شخصية لطيفة محببة لدى الجميع ومراعاة لمشاعر الآخرين ويتعامل مع الجميع بطريقة جيدة والتعامل بطريقة مرضية مع شعورك بتميزه عليك في هذا الأمر، فأنت تعمل على أن تكون بدورك شخصية أكثر مراعاة لمشاعر الآخرين وحريصًا على التعامل مع الجميع بطريقة لطيفة.
باختصار، الاستمرار في المقارنة يمكن أن تعرض سعادتنا للخطر، ولا تؤدي إلا إلى تشتيت انتباهنا عن تحقيق أهدافنا الشخصية، وهي معاملة غير عادلة للذات لما فيها من تجاهل نقاط القوة والتركيز فقط على نقاط الضعف.
ولا تجعل ترقبك للآخرين يفقدك استمتاعك بحاضرك «من راقب الناس مات هماً». أن أردت أن تقارن فهذا طبيعي ولكن استخدم عقلك وكن إيجابيا بانتقادك وقارن بما له نفع ومردود عليك وعلى الآخرين وعلى مجتمعك فنجاح فلان وتفوقه ليس عيباً أن تطمح مثله وتعمل وتجتهد لتصل لما وصل إليه فهو بدأ من الصفر وركز على نقاط قوته.
الأفضل هو أن نتقبل حالنا برضا وشكر، وأن نعمل على تحسينه بإرادة وعزيمة، وأن نتعلم من الآخرين بإعجاب وتقدير، وأن نتجنب المقارنة السلبية التي تولد فينا الحسد أو الحقد أو الضغط. فالمقارنة السلبية تضر بالذات وتؤثر على سعادتها وثقتها وإبداعها. وأما إن كنت تتطلع لغيرك من باب الآيه الكريمة «﴿وَفِي ذَلِكَ فَلْيَتَنَافَسِ الْمُتَنَافِسُونَ﴾ [المطففين آية 26.
فليكن نظرك إليهم مملوءاً بالمحبة ملوطاً بالحرص، ممزوجاً بالسعادة لأجلهم.