تأثير الروابط التشعبية في القراءة
هناك تنامٍ واسعٌ في قراءة النصوص الرقمية عالميًّا بشكل ينافس القراءة الورقية، وذلك بالتناسب مع زيادة المحتوى الرقمي في مختلف حقول المعرفة. وقد أتاح هذا التنامي لعموم الناس الفرصة لكي يطلعوا على التراث العالمي أنى كانوا، وأصبحت المعلومة لا تبعد عن أغلب الناس إلا بضع نقرات على أزرار أجهزة الحواسيب أو لمسات خفيفة على أجهزتهم المحمولة، لدرجة وصلت إلى ما يسمى الانفجار المعلوماتي. ولم تعد المشكلة في كثير من حقول المعرفة في قلة المعلومات أو ندرتها بل في كثرتها.
وقد حصل ازدياد كبير في الاعتماد على القراءة الإلكترونية في مجال التعلم والتعليم في مختلف مراحل التعليم حتى في المراحل الدنيا، وصل إلى ذروته في فترة انتشار جائحة كورونا في العالم.
وأثار هذا التوجه فضول الباحثين لمعرفة الفروق بين نوعي القراءة الورقية والإلكترونية، ومستويات الاستيعاب في النوعين. وكان من هذه الدراسات واحدة نشرت في صحيفة https://www.sciencedirect.com توصلت إلى عدة نتائج، منها أن قراءة المحتوى الرقمي مع وجود النصوص والروابط التشعبية تؤدي إلى حصول حالة من الشرود الذهني لدى القراء، أو ما يسمى بالسرحان، خاصة أن وجود هذه الروابط يؤدي - كما هو معروف - إلى الانتقال إلى موقع آخر في الصفحة المقروءة، أو إلى صفحة أخرى في نفس الموقع «website»، أو إلى موقع آخر مختلف تماماً لكنه يتضمن معلومات ذات علاقة.
ويعد وجود الروابط الإلكترونية سلاحًا ذا حدين في نشاط القراءة؛ فمن ناحية يثري الحصيلة المعلوماتية للقارئ الذي يمكنه الحصول على أي معلومة غامضة، وقد تكون ثرية جدًّا، بمجرد النقر على رابط ينقله إليها. لكن هذه الميزة يمكن أن تخلق تشتتًا كبيرًا لدى القارئ؛ فبينما كان القارئ للكتاب الورقي يمر على المعلومة الغامضة ولا يوليها اهتمامًا فوريًّا على أمل معرفتها لاحقًا، أو الرجوع إلى مصدر آخر فيما بعد، أو إهمال معرفتها نهائيا، فإنه بوجود الروابط في حالة القراءة الإلكترونية أصبح القارئ ينقر على الرابط وينتقل من صفحته الحالية إلى صفحة أخرى ومنها إلى صفحة ثالثة وربما رابعة وخامسة، من أجل الحصول على معلومة أو لمجرد إشباع فضوله.. ونتيجة لذلك فإن حالة من التشتت تهيمن على القارئ بحيث قد ينسى الصفحة الأولى التي انطلق منها كما يقلل من التركيز الذهني لديه.
ولذلك فإنه يُنصَح من يعتمد على القراءة الإلكترونية بعدم الانسياق وراء الروابط الإلكترونية دون كوابح، وأن يركز على الهدف الأساس للقراءة؛ لأننا في عصر انفجار معلوماتي في أغلب حقول المعرفة.