لماذا القرآن؟
أيد الله عز وجل أنبيائه وأيدهم بالمعجزات الباهرات التي تثبت صحت ما جاؤوا به وتدعوا ذوي العقول إلى الإيمان بهم وبرسالاتهم.والمعجزة التي أيد الله بها رسله مأخوذة من العجز والعجز هو الأمر المقابل للقدرة وفي اصطلاح علماء الكلام هي الأمر الخارق للعادة بالتحدي الذي هو دعوى الرسالة وهي بين الآيات التي تدل على صدق النبي فيما يبلغه عن ربه عز وجل إلى عباده ولم يستعمل القرآن عبارة معجزة ولا خارق للعادة بل هما من إصلاح علماء المسلمين إنما استعمل القرآن الكريم لفظة آية وعبر عن المعجزة بالآية لان كلمة الآية تعني العلامة أو الدليل القاطع .
وقد قدر الله للمعجزات أن تأتي بما يتناسب مع العصر التي تظهر فيه فمثلا لما كثر السحر وساد في عصر نبي الله موسى كان من ضمن معجزاته العصا واليد البيضاء اللتان ناسب بهما ذلك العصر وأهله ولما كان عصر نبي الله عيسى قد كثر فيه الأطباء وتقدم فيه علم الطب جائهم عيسى بآياته ومعجزاته إبراء الأكمه والأبرص وإحياء الموتى بإذن الله جلت قدرته . ولما كانت العرب هم أصحاب البلاغة والفصاحة بعث الله فيهم ومنهم أفضل الأنبياء وخاتمهم محمد فكانت معجزته هذا القرآن الذي حير العقول والألباب الذي أنزله على رسوله ونبيه الأمي بما يتناسب مع العرب الفصحاء وقد تحداهم الباري عزوجل أن يأتوا بمثله ثم تنازل معهم إلى عشر سور مفتريات وأن يدعوا من استطاعوا من دون الله فلم يقدروا ثم تحداهم أن يأتوا بسورة من مثله فأعلن الواقع العجز حتى عن الإتيان حتى بسورة واحدة .
وأن تكون معجزة النبي الأمي هذا القرآن المعجز هي في حد ذاتها معجزة قبل إعجاز القرآن فهذا ينفي أن يكون الرسول أتى به من عند نفسه وهو بهذا المستوى من العلوم الدقيقة بل حتى من ناحية الإعجاز العددي فضلا عن العلمي وكذلك الإعجاز الغيبي وغيره من أنواع الإعجاز فهل يأتي بهذه المعلومات أميّا من عند نفسه بل لايكون ذلك لاستحالته فهذا القران من كلام الله بلغه رسوله .
ومعاجز الأنبياء تأتي على ثلاثة أنواع كما ذكرت أروى العاملي في مفاهيم قرآنية :
1- معجزات كونية : كتضليل الغمام على بني إسرائيل في التيه وانشقاق البحر لموسى وانحسار الماء عند (كل فرق كالطود العظيم ).
2- معجزات غيبية : كإنباء عيسى قومه بما يأكلون وما يدخرون في بيوتهم .
3- أو ما هو مخالف للقوانين الطبيعية : كالنار التي أراد بها الكفار حرق خليل الرحمن إبراهيم فكانت عليه بردا وسلاما ومنها معجزات طارئة تقدر بقدر الحاجة .
أسأل المولى أن يجعلنا ممن يهتدي بهدى القرآن وممن يترنم بآياته آناء الليل وأطراف النهار إنه رحيم كريم وصلى الله على خيرة بريته محمد وآله الطيبين الطاهرين .