كرة القدم تفوز دائماً
قبل ثلاثة أيام، وتحديداً في ال18 من ديسمبر الحالي، أسدل الستار على الكرنفال الأممي الأهم والأشهر على الإطلاق وهو كأس العالم لكرة القدم في نسخته ال22 والذي أقيم في دولة قطر. تظاهرة رياضية عالمية، اعتبرها النقاد والخبراء والرياضيون، الأفضل والأكثر روعة وإثارة في تاريخ هذه البطولة التي امتدت لأكثر من تسعة عقود، حيث كانت بداياتها الأولى في جمهورية الأوروغواي الشرقية وذلك في عام 1930، حيث فاز منتخب الأوروغواي أو ”السيليستي“ بأول نسخها. 28 يوماً من المتعة والإثارة والتشويق وحبس الأنفاس والأهداف الحماس والجنون وصرخات الجماهير وتنوع الثقافات والحضارات والجدل والشكوك والأفراح والأحزان والكثير الكثير من الملامح والتفاصيل التي غصّ بها جدول المباريات والتداعيات.
ما صنعته هذه الساحرة المستديرة، خاصة في هذا المونديال الكروي العالمي الأبرز، بحاجة للكثير من الأبحاث والدراسات، بل والكثير من الوقفات والتأملات، فهذا المونديال المذهل قد ثبت عقارب الساعة وسلب الأنظار والمشاعر باتجاه المباريات والتصريحات. لقد تركز اهتمام كل العالم تقريباً حول هذا المونديال المثير الذي سرق الأضواء والاهتمام من كل الأخبار والأحداث الأخرى. 64 مباراة في هذا المونديال الاستثنائي، تحولت الى واجب يومي ينتظره ويشاهده البشر، كل البشر.
وهنا، لابد أن أعود كثيراً إلى الوراء، وتقريباً ربع قرن من الزمن، حيث كان مقالي الأول في عالم الصحافة عن ”سحر الكرة“. فقد أرسلت مقالين مختلفين ليدشن أحدهما دخولي لمجال كتابة المقال، وكانت المفاجأة التي داهمت شاباً يافعاً متحمساً للقضايا المهمة والعميقة، بأن المقال المهم في نظري والذي يتناول قيمة وتأثير الثقافة والحضارة العربية سيحظى بالقبول والإعجاب، كيف لا وهو يهيم بمجد وتاريخ الثقافة العربية التي ساهمت في صنع الحضارة الإنسانية. انتظرت بكل فرح وحماس ذلك اليوم الموعود الذي سيُنشر فيه مقالي الأول، وكم كانت دهشتي حينما كان مقال ”سحر الكرة“ هو الذي وقع عليه الاختيار ليكون الأول في مشواري الصحفي، وقد كان عن مونديال كأس العالم في فرنسا عام 1998.
التاريخ يتكرر كالعادة، وكرة القدم تفوز دائماً، فقد كان ختام المونديال الحالي في الثامن عشر من ديسمبر وهو نفس تاريخ اليوم العالمي للغة العربية، ولكن العالم العربي والعالم بأسره احتفل بتتويج الأرجنتين بكأس العالم للمرة الثالثة في تاريخها، بينما اليوم العالمي للغة العربية، مرّ دون أن يُحتفل به!