كيف مضى قطار العمر؟
حياة البشر رحلة مثيرة تعبر كل تلك المحطات والمساحات والفضاءات التي تُجدولها تذكرة العمر، لنصل بعضها ونغادر بعضها، تماماً كما هي مواعيد أحلامنا وطموحاتنا وتطلعاتنا التي نحملها في حقائب الأمل وأمتعة الشوق، تختلط الصور والذكريات بنداءات المسارات والأمنيات، وتكبر مواعيد الآمال والطموحات على أرصفة المسارات والمحطات.
تبدأ رحلة قطار العمر بعد صرخات الحياة الأولى المفعمة بالأمل والفرح، ويبدأ ”المشوار“ الذي تنتظره المحطات والمفاجآت، فتعبر محطات الطفولة بكل ما تحمل من رغبات وأشواق وبكل ما فيها من براءة وأمان، تليها محطات فتية تغص بالطموح والعنفوان، ثم محطات العقل والامتنان، وأخيراً يتم الإعلان عن المحطة الأخيرة التي يغتالها المكان يسرقها الزمان. المحطة / الوجهة الأخيرة بكل ما تحمل من هدوء وسكينة، فهي تعشق الصمت وتكره الضجيج، لأنها منهمكة في أرشفة الصور والذكريات والحكايات.
العمر يمضي كقطار نسي مكابحه عند أول محطة، لتعبر به المحطات والمسارات كما تُريد وكما تشاء، محطات ومحطات، صغيرة وكبيرة، قادمة ومغادرة، مزدحمة وفارغة، تماماً كما هي أحلامنا وحكاياتنا التي تتأرجح ما بين الصعود والنزول والفرح والحزن، يمر العمر سريعاً كلمح البصر، يكاد لا يتوقف إلا لالتقاط الأنفاس التي أرهقها الترحال ورمقات الأشخاص.
كيف مضى قطار العمر؟، وكيف قبلت تلك الأحلام الكبيرة التي تُلامس السماء أن تتضاءل حتى تكاد ألا تُرى؟، وكيف مرّت السنون بهذه السرعة التي فاقت سرعة صوت الذكريات والأحلام والأمنيات؟، ومتى تُفصح تلك الأرصفة المكتنزة بمواويل العشق وآهات الغرباء؟.
أسئلة كبيرة وكثيرة، تبحث عن رشفة أمل، علّها تبلّ ريق المواعيد المؤجلة التي تاهت في صحاري السراب.
ومضى قطار العمر، يُلوّح بدخان القصص الأثيرة التي سكنت صدر الصفحات وشريط الذكريات، لتكبر الدهشة وتصغر الأمنيات، فقد لاحت عن بعد، محطة الوصول إلى رصيف النهايات.