انتبه لنفسك حتى لا تندم
إن من المفترض كل ما تقدم الإنسان في العمر يتطور التفكير والعقل الخاص به، ولكن أحيانا تستغرب من بعض الناس تصل الأعمار الخاصة بها إلى الأربعين سنة وتلقى منهم تصرفات سيئة، بل يتعاملوا معك وكأنهم من أصحاب السلوكيات غير الناضجة.
من هنا نرى بعض المربيين أو الكبار الذين قد تصدر منهم حركات وتصرفات سلبية تجاه الأبناء الأصغر منهم في العمر فترى شخص مقبل على الدخول في عمر الأربعين سنة وما فوق ذلك فيقوم بممارسة التنمر والظلم والأذى تجاه الأولاد أو شباب في المحيط الاجتماعي أو الأسري.
وسبحان الله قد تلقى فئة من الصغار العقل الخاص بها متطور أكثر من الفئة العمرية الكبيرة، ومن هنا نتعلم أن الإنسان لا يقاس بالعمر إنما بالعقل والأخلاق وطريقة التعامل مع الناس أو المجتمع الذي يعيش فيه، والبشر طبعا يكتسبون خبرات ويمرون بتجارب كثيرة في الحياة وهذه طبيعة فطرية لديهم.
وفي الأصل إذا كان الشخص الكبير في العمر يعامل من أصغر منه بطريقة سيئة سوف يلقى من قبل الطرف الصغير معاملة غير طيبة، لأن من المفترض أن يكون الكبير هو قدوة للأشخاص الأصغر منه، وذلك كي يتعلموا منه الأساليب المحترمة ويكتسبوا منه الصفات الحميدة، عوضا من تعليم الصغار على الكراهية وممارسة الانتقام والحقد في المجتمع الذي يعيشون فيه.
نحن كمجتمع وأسرة بحاجة لتعزيز أساليب الحوار والنقاش الهادئ بين الصغار والكبار، من أجل التخلص من حالة الأذى والتشنج النفسي الذي يسبب مشاكل اجتماعية وأسرية تخلق الاحباط والعصبية والخلافات التي تستمر لفترة طويلة من الزمن خاصة في حالة عدم معرفة القدرة والوسيلة الفعالة التي تعمل على تهدئة الأوضاع الحالية والمستقبلية.
- ومن هذه الفقرة نذكر مثال على التصرفات غير الناضجة، حيث يتم تبيان الآثار السلبية والنفسية للعصبية، وذلك كي يتم تفادي الشعور بالندم:
تعرف العصبية بأنها سرعة الانفعال تجاه موقف أو خلاف حصل للشخص في الجانب الشخصي أو الاجتماعي أو الأسري، وبهذا يقوم بارتكاب تصرفات خارجة عن التفكير الناضج. فقد تصل فئة من الصغار أو الكبار للممارسة جرائم السرقة أو القتل أو أساليب الضرب، وأحيانًا قد يصل البعض للأعتداء نفسيًّا وجسديًّا على المواطنين المسالمين أو حقوق فئة ذوي الاحتياجات الخاصة؛ بسبب العصبية التي تعرضوا لها عند لحظة حدوث المشكلة التي لم يستطيعوا السيطرة عليها.
وللعصبية آثار سلبية ونفسية على الفرد والمجتمع والأسرة، ومثل هذه اللحظات تؤثر على مستقبل الإنسان وحاضره، ولذلك فإن الأشخاص العصبيين غالبًا ما يعانون من حالة الإحباط والنفور في جانب العلاقات، لأنهم معرضون لخسائر كثيرة؛ بسبب التهور وعدم القدرة على التحكم بتلك المواقف السوداء.
فقد يدخل بعض الناس في قضايا جنائية بسبب العصبية، فيندمون بعد ذلك خاصة عند عدم الالتزام بالإرشادات والتعليمات التي تظهر في مواقع الجهات المختصة أو المنصات الإلكترونية التي تنشر القضايا الجنائية التي قد تحدث في كل ساعة أو يوم أو شهر وعلى حسب.
وما أسوأ أن يعيش الإنسان لعدة سنوات في مكان مغلق ومنعزل ومنفصل عن العالم الخارجي بسبب لحظة انفعال لم يستطيع السيطرة عليها في فترات بسيطة حصلت له، وما هو أسوأ من ذلك أنه سيخسر أمواله نتيجة الغرامات ورزقه ومستقبله وعلاقاته الاجتماعية ووظيفته وسمعته ومكانته في المجتمع الذي يعيش فيه، بل سيتعكر مزاج وتتدمر نفسية الشخص في المكان المنعزل الذي يقطن فيه لفترة طويلة، إلى أن تظهر عليه علامات الشيب، وبهذا الأمر لا ينفعه أي شيء بعد ذلك.
ومن هنا نتعلم أن الإنسان بطبيعته الفطرية يمارس حياته بشكل طبيعي كأن يكون مواطن طيب ومحبوب ومسالم يخدم البلد والمجتمع بكل أمانة واحترام، كما يعمل على تكوين التواصل والعلاقات الإيجابية التي تخلو من المشاحنات والمشاجرات والمشاعر السلبية، وذلك كي يتفادى الدخول في مشاكل مع الناس فهذه الأمور - كما قلنا - أمر طبيعي يساعد الإنسان على تفادي الوقوع في العصبية التي تشكل خطرٍا كبيرًا على الحياة الشخصية أو الاجتماعية أو الأسرية.
والشيطان الرجيم يوسوس للإنسان الضعيف من ناحية التركيز عند لحظة العصبية، وذلك كي يجعله يخسر فهو يستغل كل مشكلة شخصية أو خلاف أو موقف يحصل للإنسان في لحظة الغضب، إلى أن يجعله يرتكب أفعالًا شنيعة تؤدي به للسقوط في هاوية الهلاك. أما الإنسان الناضج فلا يستطيع الشيطان أن يخترقه بسبب تركيزه وسيطرته على النوازع العدوانية، واحترافية في التعامل مع البشر والمشاكل بمختلف أشكالها.