لن يسأل عنك أحد
هل تُريد أن تعرف مكانتك أو تأثيرك عند الناس، سواء القريبين أو البعيدين؟، الموضوع في غاية البساطة والسهولة، لا تقم بفعل أي شيء، فقط ابتعد عنهم لمدة أسبوع، وسواء كان الابتعاد أو الغياب حضورياً أو عن بعد، واقعياً أو افتراضياً، لا يهم، فقط اعتزل الحياة العامة بكل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة لمدة أسبوع، ثم سجل ملاحظاتك، وقد تكون دهشتك، حول غيابك عن الناس لمدة أسبوع.
بالنسبة لي، جربت هذا الأمر أكثر من مرة، وكنت في كل مرة، أصاب بالدهشة وخيبة الأمل. قبل مدة، غبت قسرياً لأسبوع بسبب المرض عن مواقع التواصل الاجتماعي التي كنت أحد روادها ونشطائها الفاعلين المواظبين، وكنت أسترق النظر خلال ذلك الأسبوع الطويل في حساباتي التي تغص بالمتابعين والمريدين، لأطيب النفس وأجبر الروح بسيول الاهتمام وشلالات الأسئلة من الأصدقاء والمعارف في تلك المنصات والشبكات، ولكن كل تلك الآمال والأمنيات تبخرت، إذ لم يلتفت أحد لغيابي ولم يسأل عني أحد على الإطلاق!
وحيداً إلا من أدويتي التي كانت تؤنس وحدتي وتُخفف عني، وأسئلتي التي أصبحت سلوتي: لماذا لم يسأل عني أحد؟، هل هي طبيعة البشر أم هو الجحود؟، ما السبب في كل هذا الإهمال والاهتمام من قبل الآخرين تجاهي؟، وغيرها من الأسئلة الموجعة.
الأمر معقد وشائك، ولا يمكن تناوله بخفة أو تساهل، فهو يحتاج لتأصيل وتحديد للكثير من الأفكار والقيم، كما يحتاج أيضاً لتحرير العديد من المصطلحات والمفاهيم، فما تحمل من مسلمات وقناعات ليست بالضرورة هي نفسها عند الآخرين، فلكل منا فكره ومزاجه ولكل منا نظرته ووعيه ولكل منا أهدافه وأولوياته، تلك هي طبيعة الحياة وظروف البشر.
لمن يظن بأنه ”محور الكون“ والحاضر الدائم في قلوب وعقول الناس، ما عليه إلا أن يغيب أسبوعاً واحداً فقط عنهم، ولكن يجب أن يكون جاهزاً لما سيحدث ولا يُصاب بالذهول أو الجنون، حينما لا يسأل عنه أحد.