كفاكم تشويهاً للمجتمع
لا يوجد فئة على وجه الأرض، أكثر خطورة ولؤماً من أولئك البشر الذين لا هم له سوى تشويه الآخرين في المجتمع أو التقليل من منجزات الوطن، نفوس مريضة وأجندات مشبوهة، تخصصت في وأد كل منجز أو تشويه كل إبداع فقط.
يزعم هؤلاء أنهم يُمارسون حقهم الطبيعي في نقد ورصد الظواهر السلبية ومكامن الخلل، ولكن حقيقتهم ليست كذلك، فهم لا يعرفون قيمة النقد، فضلاً عن امتلاكهم لأدواته. هم في حقيقة الأمر، يلهثون خلف بطولات ساذجة وتأثيرات ”ترندات“ زائفة. يكاد لا يعجبهم أي شيء في المجتمع، ولا هم لهم إلا تشويه مكتسبات ومقدرات الوطن، عبر تحليلاتهم الغبية وأفكارهم السطحية.
هؤلاء يختزلون النقد في البحث عن الزلات والعثرات هنا أو هناك فقط، غير مدركين بأن النقد أيضاً آلية إيجابية لتصوير وتعزيز ملامح التطور والازدهار في مسيرة المجتمع، والوطن بشكل عام. النقد لا يجب أن يكون في اتجاه واحد وهو تكثيف الخلل ورصد القصور، وهو بلا شك أمر مطلوب وفي غاية الأهمية، ولكن للنقد أيضاً اتجاه آخر وهو إبراز الإنجاز والاحتفال بالإبداع، هكذا يكون النقد عملية تكاملية تُظهر كامل المشهد وتُبرز كل وجوه الحقيقة.
في السابق، كانت مصادر النقد متعلقة بوسائل الإعلام التقليدي الرصين والمنضبط والتي يُمارس فيها النقد بشكل مهني ومعلوماتي، إضافة إلى وجود طبقة / نخبة من المثقفين والمؤثرين في المجتمع والتي كانت تُمارس النقد بكل أمانة وجرأة، وكانت صدى حقيقي لهموم وشجون المجتمع، وكانت تنتقد مظاهر الخلل والقصور، دون أن تُقلل من منجزات ومقدرات الوطن، فهدفها الأكبر هو تقديم النصيحة والمشورة على طبق من نقد وليس تشويهاً لصورة ومكانة الوطن.
النقد بمختلف ألوانه ومستوياته، ضرورة ملحّة وقيمة ضرورية، ولكنه يجب أن يكون بدوافع ومرتكزات وطنية ومهنية، لأنه إذا أسيء استخدامه وتوظيفه، سيتحوّل إلى معول هدم وخنجر في خاصرة الوطن.
يجب تحرير النقد من مُدعي البطولات الوهمية والانتقادات الزائفة، واستخدامه كأداة لكشف مظاهر الخلل والقصور في المجتمع.