الجبيل الصناعية.. المدينة المظلومة
تُعدّ مدينة الجبيل الصناعية التي أنشئت في عام 1975 على ساحل الخليج العربي، النموذج الأكبر والأبرز للمدن الصناعية في العالم. والكتابة عن هذه المدينة/ التحفة السعودية الفريدة والمثال الرائع لعبقرية التخطيط والتشغيل والجودة، تعكس الوجه الحضاري والإنساني للمملكة العربية السعودية. الجبيل الصناعية، صورة ملهمة لعبقرية المكان ورؤية الإنسان.
لقد استطاعت هذه المدينة السعودية الأيقونية خلال نصف قرن أن تكسب ثقة وفخر سكانها وزوارها من الداخل والخارج، بل وأصبحت الصورة الملهمة لجودة المدن لكل العالم، خاصة في جوانبها الصناعية والخدمية ومشاهدها الحضرية والعمرانية، فهي المدينة الرائعة التي سبقت عصرها في مختلف وسائل التطور والتمدن والسلامة، وهي المدينة الاقتصادية التي تُشير لها بإعجاب بوصلة الاقتصاد العالمي.
ولكن، في زحمة كل تلك النجاحات والمكتسبات الاقتصادية والصناعية المبهرة التي توجت صدارة الجبيل الصناعية، سُرقت الأضواء والأسرار الأخرى التي تتمتع بها والتي لا تقل شأناً عن كل مصادر الفخر تلك، والتي تتمثل في جودة الحياة العالية وفق كل المقاييس والمعايير البيئية والاجتماعية والإنسانية، والتي نجحت في الاستثمار الأمثل في الإنسان بمختلف مراحله ومستوياته، مطلقة ومنذ سنوات طويلة أفكار واستراتيجيات رؤيتنا الطموحة، وذلك في تناغم مذهل وتشابه رائع.
وقصة الجبيل الصناعية التي تزدحم بالمصانع والمعامل والشركات، لا تكتمل إلا برواية الجزء الآخر المكمل لهذه القصة الملهمة، ألا وهو الجانب الاجتماعي. فالجبيل الصناعية ليست مجرد مصانع عملاقة للبتروكيميائيات والصناعات النفطية، ولكنها قبل ذلك المصنع/ المعمل الحقيقي لإنتاج الأجيال الإنسانية المؤهلة والمبدعة التي صنعت ومازالت كل هذه النجاحات المذهلة في الجبيل الصناعية، بل وفي كل الوطن.
الجبيل الصناعية، روزنامة مزدحمة بالفعاليات والأنشطة والمهرجانات، الاجتماعية والثقافية والبيئية والفنية والإعلامية والسياحية والتطوعية، وهي منظومة مجتمعية متكاملة تقودها عقول وطنية مدربة على أعلى مستوى، لتكون الجبيل الصناعية منارة إشعاع ونموذج إلهام لكل المدن السعودية، بل ولمدن العالم.
أمامي الآن، قائمة طويلة لا تنتهي من الإنجازات والنشاطات والبرامج والفعاليات التي يزدان بها السجل الاجتماعي للجبيل الصناعية، ولكنني سأكتفي بذكر مثالين/ منجزين هما الأحدث: الأول، هو حصول مدينة الجبيل الصناعية على جائزة اليونسكو العالمية لأفضل مدينة تعلّم في العالم، وهي جائزة مرموقة تعطى تقديراً ومكافأة للجهود المميزة في تطوير مدن التعلم في المجتمعات حول العالم، ولعرض أفضل التجارب الملهمة التي تُسهم في تعزيز جودة التعليم وفرص التعلّم المستمر للجميع. أما الثاني، فهو معرض الجبيل الأول للكتاب والذي يُقام هذه الأيام ويستمر لمدة 10 أيام بمشاركة 55 دار نشر وجهات حكومية وخاصة مختلفة، إضافة لوجود عدد من البرنامج والفعاليات والأمسيات الثقافية والفنية والإعلامية المصاحبة.
الجبيل الصناعية، المصنع الملهم الذي تخصص في خط الإنتاج الصناعي، تماماً كما برع في تخريج دفعات من الأجيال المؤهلة والمدربة التي تستحق الفخر والإعجاب.