من الذي يؤثر في الرأي العام؟
في عصر متسارع جداً، يُقاس بالتغيرات والتطورات اللحظية التي لا يمكن اللحاق بها، وفي مرحلة ديناميكية هائلة، تتشظى بشكل متنامٍ ومكثف بشكل لا يُمكن التنبؤ بمآلاته ومداءاته، في حالة/ صورة أيقونية فريدة كهذه من عمر هذا العالم الجديد الذي شكلته وصاغته عولمة الألفية الثالثة،
تقفز أسئلة كثيرة وكبيرة لتُقارب، بل لتستفز العديد من الأفكار والآراء والملفات والقضايا والأحداث والمواقف والقناعات، أسئلة لا تبحث عن إجابات معلبة ولا تُعلّق أجراساً تحذيرية لخطر معروف ولا تستفز عقولاً وقلوباً لتعبر مجرد ضفة، أسئلة أكبر من كل ذلك؛ لأنها تفتح دروباً واسعة للتأمل وتشق ودياناً عطشى للتفكر وترسم خرائط خلاص للبشر.
نعم، كل البشر تبحث عن إجابات قد تُحقق لها بعض الأمنيات، ولكن الأسئلة تقوم أهم وأخطر من الإجابات لأنها هي من تُشكّل جوهر الغايات.
من بين تلك الأسئلة العريضة التي تؤرق كاهل هذا العصر الذي لم يجد بداً من الانحناء لمتطلبات ومغريات الزمن الجديد بأدواته ومنصاته وشبكاته وإعلامه، هذا السؤال الشائك: من الذي يؤثر في الرأي العام الحديث؟
في السابق، كانت حزمة المؤثرات تنتظم في طابور طويل يضم أهل الحلّ والعقد والنخب والنبلاء والعلماء والأدباء والوجهاء والرموز والشخصيات الوطنية والمجتمعية العامة، طابور أنيق من المؤثرين والمؤثرات في الرأي العام بمختلف أشكاله ومستوياته، أما الآن فكما يبدو لم تعد الأمور كذلك، فقد تغيرت القواعد واختلفت الموازين، وأصبحت الضوابط بلا ضوابط وتحررت التقاليد من التقاليد.
شاب في مقتبل العمر، يملك حساباً نشطاً ومتابعاً في مواقع التواصل الاجتماعي، يتصدر قائمة المؤثرين في المجتمع، وهنا تكمن الخطورة والكارثة، فهذا الشاب اليافع الذي يفتقر للتجربة والنضج يُمثّل أنموذجاً ومثالاً للأجيال الصغيرة والشابة التي وجدت فيه ضالتها وبوصلتها بعيداً عن وصاية الأسرة وضغط المجتمع، فتقلده في أفكاره وسلوكياته.
من الذي يؤثر في الرأي العام الحديث؟ بدأت به وأختم به، ولكن إجابته أكثر صعوبة وتعقيداً..