بسكوتة كوكيز
بين المطرقة والسندان خياران كلاهما أشد من الآخر عند غلق عيون القلب تنفتح أبواب العقل فنرى مالا رأيناه وعيون القلب مفتوحة، العقل قاض يحكم بدليل وبينة يستند إلى حجة ومنطق في إصدار حكمه لا يلين ولا يخضع يبحث عن الإثبات، يطرح السؤال تلو الآخر لاكتشاف الحقائق، يفسر يحلل، يربط الوقائع والأحداث، يكون صورًا حقيقية للواقعة والحدث، يصف الموقف بأدق تفاصيله، لذا فالقعل محل السؤال، ومناط التكليف والاستجابة.
بينما القلب مناط العاطفة يركن إلى الاحاسيس والعواطف، يعتمد في قوامه على المعنويات صوره دائما عاطفية طاقته الكامنة الرقة والحنان واللين.
سكن دافء لفترات الشدة والألم، يحتضن الروح في حالة الألم، يرمم الكسور في حالة الانكسارات يداوي الجراح بالحب، لذا فأصحاب العيون المفتوحة على القلوب يصابون بمتلازمة القلب المكسور، تنعصر تلك القلوب بقبضة يد لطراوتها فهي سريعة الخدش، تعاملها مع الوجود يعتمد على تتحسس مواضع اللين والملمس الناعم تتأثر بالخشونة تصاب بالجفاف عندما تقابل بالجفاء، صلابتها تستمدها من قوة عطائها، بكل كيفياتها تتجدد بالعطاء مغايرة للواقع المادي تدفع دائمًا بالتي هي احسن تتفانى في الحب، تستطعم المشقة في سبيل البذل لا تبالي بالنكران، قد تتألم من عضة اليد لكن سرعان ما تنسى أو تتناسى بالرغم من شدة العضة التي قد تترك أثرها وأحيانًا يبدو الجرح غائرًا إلى حد العظم، تبقى محافظة على صلابتها الخارجية بالرغم من ترافتها الداخلية كبسكوتة كوكيز صلبة من الخارج هشة وطرية من الداخل ترفة ولذيذة.
الاتزان نقطة وصولها إلى قوة التحمل وعدم المبالاة بكثرة الألم الذي يصقلها ويزيدها شفافية وقرب من ذاتها لتسمو بروحها فيرتبط القلب بالعقل وتتجلى المشاهدات على حقيقتها ويحسن التصرف، عندها سيوضع الشيء في موضعه المناسب والصحيح، طالما هناك عينًا مفتوحة على القلب وعينًا مفتوحة على العقل، فبصيرة القلب تستشعر الصدق والكذب وبصيرة العقل تقيس مقدارهما.
قال الإمام علي : ”مثل العقل وسط القلب كمثل السراج وسط البيت“
فبين مانريد وما نرفض ”قلب يريد وعقل يرفض“ يظل الصراح قائم حتى تستقر الأمور وتستقيم، هكذا نحن في حيرة بين قلوبنا وعقولنا.