الذرع الضائق والآفاق المباحه
الحِراك الثقافي القطيفي
في جوف الجلاء الإحصائي، تُعد المساحة القطيفية واحدة من عشرات المساحات، وعلى مسار أدوات السلطة الإجتماعية تبقى القطيف داخل الإطار الممسك بالنموذج الإجتماعي المتاح والمباح لكن تشظياً لهذه المساحة ولجزء من هذا الإطار قد رسما للقطيف لوحة غاية في الاستفراد القادم من عراقتها والحِراك المترجم لخطابها الثقافي المتكئ على إرهاصات وجدت جمالياتها التطبيقية في هذا المشهد .
بوضوح، وبحرية، وباستثناء، تتربع القطيف فوق منصة سامقة الإباحات، فالحراك الثقافي بها بلغ حداً قد يضر بها، والتضخم في هذا الحِراك الناشىء عن ارتفاع منسوب الغايات والوسائل والنشاطات التي اكتست بها مُدن وقرى القطيف في صورة أشبه بغابات النخيل التي كانت تزين أرضها وفضاءها، فخلال سنتي 1429-1430هـ، أنهك العمل الثقافي بالقطيف نفسه باتجاهات وأنشطة ثقافية غير مسبوقة ومُدهشة، لم تترك لمدن عريقة في محيطنا أن تدخل حلبة هذه المنافسة فلا نكاد نطلع على ملخص لأهم الأخبار إلا ونجد منتدىً هنا وملتقى هناك وحفل هنا وتأبين هناك ومعرض هنا ووفدُُ هناك وأمسية هنا وديوان شعر هناك ومؤلف هنا وتكريم هناك والمرأة القطيفية شاهدة وبوضوح على هذا المشهد الذي بدت فيه فاعلة مهيمنة بل ومتمردة أيضاً .
نحن معشر المثقفين نخشى من الوعكة الثقافية التي تلحق بأي مجتمع تضخمت فيه الأنشطة كماً ونوعاً وهو صغير الحجم محاط بالمياه التي تعين أن تتحرك وبكثبان يظن فيها أنها خير منه، ما نرجوه هو أن نُصبح طرفاً ملحقاً ببيئات ثقافية كبرى وإلا فمصيرنا الدمج والإلحاق القسري وتوظيف الثقافة ولهذا لابد أن نحدد أطرنا وأن نضع منجزنا الثقافي رهن التنسيق والمفاهمات المستمرة وليكن الحوار وصورة التبادل وحرية الأدوات متاحة في قواعد لعبتنا، إننا في القطيف لانمتلك صِواعاً خبيء في امتعتنا، ولسنا مهجريين أو أبناء لغةٍ هجينة ولا ننحدر من إماء إننا أهل ذات وعُشاق وطن ضن الزمان على رجاله بأن يجدوا تقعيداً منصوصاً عليه لحراكهم الثقافي ولست أُبالي لو تم اختيار مدينتنا القطيف عاصمة للثقافة على مستوى الوطن ففيها مقومات وأركان متاحة لتكون بامتياز كذلك .
وليثق من يعنيه الأمر أننا قادرون على إنجاب مولود ثقافي من شأنه أن يحرك هذا الآسن وتقديم النموذج . وحينها لن نضيق ذرعاً، ولن نشعر بوعكة ثقافية جاء بها التضخم وأعملت في حدوثها ظروف المحيط ومعطيات المرحلة وحينها سنشعر بأن الآفاق أبيحت لنا ولنحتشد لقبول العرض السابق بأن تكون القطيف أول عاصمة للثقافة على مستوى الوطن