لماذا لا يذهب البشر للطبيب النفسي؟
يُعدّ ”برنامج جودة الحياة“ أحد أهم مرتكزات واستراتيجيات ”رؤية المملكة 2030“ والذي أطلق في عام 2018، لتحسين نمط حياة الفرد والأسرة وصناعة مجتمع متوازن ينعم أفراده ومكوناته بحياة جيدة وصحية، وذلك من خلال تهيئة بيئات وخيارات مدروسة ومناسبة لتعزيز مشاركة المواطن والمقيم في مختلف الأنشطة والفعاليات الثقافية والترفيهية والرياضية، إضافة لمساهمته - أي برنامج جودة الحياة - فيه توفير الوظائف والفرص وتحريك عجلة الاقتصاد الوطني لصنع تنمية شاملة ومستدامة.
ووجود برنامج جودة الحياة ضمن أولويات وأهداف رؤية المملكة الطموحة التي تُعتبر العنوان الحديث لنهضة هذا الوطن، يؤكد بما لا يدعو للشك بأن التنمية ليست اقتصادية فقط، وإنما هي تنمية اجتماعية وإنسانية وثقافية، وهي تنمية ذاتية ومجتمعية ووطنية، ولم تعد المؤشرات والمعايير العالمية تُركز فقط على النجاحات والإنجازات السياسية والاقتصادية، رغم أهمية ذلك، ولكنها أصبحت تهتم كثيراً بمؤشرات وقياسات جودة الحياة التي تُلامس تفاصيل حياتنا الصغيرة والكبيرة وكل ما يحتاجه الإنسان ليعيش حياة ممتعة تتوفر فيها كل مقومات ومصادر السعادة والجودة، ومن أهمها الحالة المزاجية والنفسية التي يتمتع بها أفراد وأسر المجتمع.
قبل يومين، وتحديداً في العاشر من أكتوبر، احتفل العالم كعادته كل عام باليوم العالمي للصحة النفسية، وتم تداول العديد من المواضيع والرسائل المتعلقة بخطورة وتأثير الصحة النفسية على تطور أو تراجع المجتمعات والشعوب.
والصحة النفسية للأفراد أو المجتمعات، وفق الأرقام والإحصائيات التي تنشرها المؤسسات والمنظمات العالمية الخاصة بالصحة النفسية، تدعو للدهشة والاستغراب، بل وللصدمة والخوف. إن الاعتلالات والاضطرابات النفسية التي تُصيب البشر في كل العالم، تُقابلها حالة من الإنكار والرفض حينما يتطلب الأمر تدخلاً طبياً أو علاجاً إكلينيكياً. فالمصابون بالاكتئاب والاضطراب النفسي والفصام والاختلال العقلي في العالم بالملايين ولكن النسبة القليلة جداً منهم يذهبون للطبيب النفسي.
وتُشير منظمة الأمم المتحدة إلى أن هناك أكثر من مليار شخص حول العالم مصابون بشكل من أشكال الاضطرابات النفسية أو العقلية، وأن كل 40 ثانية هناك شخصاً ما في العالم يموت منتحراً بسبب ذلك.
السؤال الذي يتكرر منذ عقود طويلة: لماذا لا يذهب البشر للطبيب النفسي؟