أيها السادة : إنتبهوا إلى خزاناتكم
من المؤكد بأن الأشياء التي نصدقها عن أنفسنا ، والعالم من حولنا سوف تتجلّى في واقعنا . إن كنت تؤمن بأنك – لسبب ما – لست شخصاً مهماً . فلن تعيش حياتك على أنك شخص غير مهم ، ولكن سوف تتوقع أن يعاملك الآخرون بلا إحترام .
ربما تكون قد حُرمت من الإهتمام الإيجابي في مرحلة الطفولة ، أو ربما تعيش مع شخص لا يحترم آمالك ومشاعرك ، ومهما طال أو قصُر الوقت الذي مضى على تشكل هذا المُعتقد لديك ، فهو يُمكن أن يبقى كامناً بداخلك حتى الممات . أو إلى أن تفعل شيئ ما حتى تغيره ، أو تُخفّف من وطأته على أقلِّ تقدير .
إنّ أي شيئ نتعلمه في الحياة سوف يتم تخزينه في عقلنا الباطن . فإن كنت مقتنعاً بأنني عديم القيمة أو الأهمية . فسوف أرى العالم من خلال هذا المُعتقد الذي يقول " أنا عديم القيمة " لذا فإن أجبرني أحد الأشخاص على إنتظاره ، فسوف أعرف أن السبب هو أنني عديم القيمة لديه . أما إن جاملني أحد الأشخاص ذات مرة على عمل قمت به ، فلن أصدقه . ذلك أنني أدرك أنني " عديم القيمة " ، وهذا يعني إن الشخص الذي جاملني ، أما أن يكون أحمق ، أو أنه غير صادق في إطرائه على عملي . بعبارة أُخرى : إن كل شيئ أعيشه في حياتي سوف يتم تقييمه من خلال مُعتقداتي .
وبناء على ذلك فإن أي معلومة واردة لي سوف تتوقف مصداقيتها على مدى مطابقتها لمعتقداتي الشخصية ، أما إن تعارضت معها فإنني لن أقبل ببساطة ما يُقال لي . وهذا يعني بوضوح : أن المعتقد إن كان سلبياً ، فلن تمنح نفسك أبداً الفرصة لكي توازن بين السلبية من خلال التجارب الإيجابية ، لأن المُعتقد السلبي الكامن في عقلك ، أو ما يُسمى بـ " نظام القِبليات " لن يسمح لك بذلك .
إن العقل الباطن هو خزانة كل الذكريات ، والمُعتقدات ، والمشاعر ، والإستجابات البدنية التلقائية . إن عقلنا الباطن هو الذي يدير حياتنا شئنا أم أبينا ، ولا يكتفي بذلك ، بل يتحكم في سعادتنا ونجاحنا ، وحتى على الرغم من أننا لا نعمد بشكل واعٍ إلى التأثير على اللاوعي ، فهذا بفضل الله إنه من الأمور التي يسهل تحقيقها ، لأن الباري عزّ وجل قد منح الإنسان القدرة على التغيير من خلال " قانون الإستبدال " الذي لم يعطه لسواه من المخلوقات ، فالأصل في الإنسان القدرة وليس العجز ، أمّا إن رأيت نفسك عاجزاً ، فذلك بالتأكيد يعود إلى عدم رغبتك الجّادة في التغيير أو الإستبدال لمعتقداتك السلبية التي تولّدت عنها حالة العجز والهزيمة النفسية التي تشعر بها .
من المهم بمكان أن تقوم ببعض التأكيدات التي تعمل على ترسيخ التفكير الإيجابي لديك ، سواء فيما يتعلق بشخصك الكريم ، أو بالبيئة المحيطة بك . فكما تؤكد لغة الحاسوب : بأن هناك " مُدخلات ، ومُعالجة ، ومُخرجات " والمعالجة بطبيعة الحال ستتأثر " بنظام القبليات " التي ستتفاعل معها المعلومات التي تم إدخالها . وبناءً عليه سوف تتوقف جودة المخرجات حتماً على مدى كفاءة تلك المُعتقدات التي اختزنت عبر مراحل عمرك المتتالية في عقلك الباطن . فالحل بيدك أيها الفطِن . تحياتي .