المبادرة في إصلاح ذات البين
المقصود بإصلاح ذات البين: إصلاح بل وتحسين العلاقة التي ساءت، والتي تكون بين الطرفان المتخاصمان والمتشاجران لفترة طويلة من الزمن، نتيجة وجود خلافات معينة حصلت في فترة السابق أو الحاضر.
الممارسة التخريبية مرتبطة بالتعاملات الإنسانية وأحيانا الاختلافات الثقافية التي تكون بين مختلف الفئات، وهذه الممارسة تسهم في إرضاء النفس الأمارة بالسوء وتثير الخلافات بين أفراد المجتمع، بمعنى آخر إشغال البيئة الاجتماعية بمشاكل كثيرة «تارة من خلال الرجوع للخلافات السابقة وتارة عبر تحشيد أصوات اجتماعية من أجل تخريب أشياء معينة»، لأن تلك المشاريع الإصلاحية تشكل خطورة من ناحية فقدان المصالح الخاصة بأصحاب النفوس المريضة الساعية لإشعال نار الفتنة.
وبالتالي فإن الخروج من هذه الحالة المقلقة على العلاقات تتطلب وجود نوايا صادقة من قبل أصحاب المشروع الإصلاحي، وخصوصا وأن تقريب وجهات النظر بين المتخاصمين يحتاج لسعة الصدر والسيطرة على الأعصاب بهدف بث الراحة والطمأنينة في نفوس الأطراف المتعاركة في الفترات التي مرت.
عدم وجود نوايا صادقة يؤدي لجعل كل طرف من الأطراف المتخاصمة يخشى التعبير عن مشاعره تجاه الآخر، الأمر الذي يستدعي العمل على إعادة ترتيب الأمور بشكل تدريجي «اتباع مبدأ خطوة بخطوة»، وذلك لصناعة المشاعر المبنية على الحب والوئام، من أجل أن يساعد كل طرف الآخر ويتم التركيز على الخطوات القادمة وليس الرجوع للخلف، وذلك لتجنب الوقوع في خانة الارتباك التي تعطل تفكير الإنسان عن التعامل مع المشاكل الكبيرة بصورة إيجابية.
بالإضافة إلى ذلك، التخطيط للمستقبل والمبادرة على الإصلاح بأقرب وقت مناسب فالتردد والخوف الشديد من المواجهة يشكل خطورة كبرى، وهو يعطي فرصة لمثيرين المشاحنات الذين لا يكتمون الأسرار بل يستغلون كل خطأ وموقف لوضع كل شخص بدائرة ضيقة تغرض لزيادة المشاكل بدلا من التقليل منها.
توسيع المشاريع التنموية يبدأ بإدراك الفرد والمجتمع بخطورة انتشار الثقافات السلبية في البيئة الاجتماعية، إضافة على حسب القدرة للاستجابة للدعوات الإصلاحية والمقصود بالدعوة هو «توجيه طلب للقيام بعمل الخير أو السوء، على حسب نوع الدعوة»، فعلى سبيل المثال هناك شرائح بشرية تستجيب لثقافة التخريب وهناك من يستجيب لثقافة الإصلاح، وبالتالي فإن الخصومة الشديدة الناتجة عن تباعد الأفكار والآراء تؤدي لترسيخ لغة العنف عوضا من التحدث بلغة السلام والهدوء.