الخصومة المشروعة
ما دامت الحياة تحتوي على السلوكيات المتنوعة فمن اللازم تواجد حالة الخصومة المشروعة بين البشر لاسيما عند وجود اختلافات تتمحور حول قناعات وأفكار معينة، هذا لا يعتبر مشكلة ولكن المشكلة تكمن بالفجور بحالة الخصومة.
فالفجور بالخصومة يكون بالاعتداء على حق الآخر والعمل على نبش الملفات الشخصية الخاصة به من خلال ارتكاب الأعمال السيئة، والشريعة الإسلامية تأمر الإنسان بأن لا يندفع نحو الأساليب التي لها تأثيرات سلبية على الفرد والمجتمع، وكذلك المثيرة للمشاكل الكبيرة.
الخوف الشديد والتعامل الباهت مع الخلافات العنيفة يؤدي لتجاوز حدود الخصومة المشروعة مع الأطراف الأخرى عن طريق إساءة الأدب وممارسة التحريض الذي يشجع الأفراد على النيل من خصم معين لمجرد وجود اختلاف، أو خلاف، أو تخريب المشاريع الخاصة به.
وما نجده في الواقع الذي نعيشه في المجتمعات المعاصرة هو أن هناك أطراف تستعين بأطرف أخرى ”موالية“ للتعاون والنيل من فرد واحد أو جماعة، بغرض استغلال نقاط الضعف الشخصية، والاستقواء، والحقد والحسد، كل هذه الطرق تعطل المشاريع التنموية وتهدف لنشر الأمراض النفسية، والأخلاقية، والسلوكية وغيرها من أمراض أخرى.
الخصومة المشروعة تكون بأسلوب غير هجومي وعنيف، فعندما يريد الإنسان أن يعبر عن رأي وفكرة معينة يمكنه فعل ذلك من دون الميل نحو التعصب الشديد والأعتداء على حقوق الآخرين، فمثل تلك الأمور تمهد الطريق لتبادل الهجمات في البيئة الاجتماعية، لفترة تمتد لعدة سنوات.
المجتمع في هذه اللحظة تحت ضغط وارتباك شديد «لا يدري كيف يتخلص من الحالة المستعصية التي يعاني منها بل يعيش في قلق واضطراب» وبالتالي فإن وجود فئات تعمل على إعادة المياه لمجاريها عنصر أساسي للسيطرة على تلك الخلافات الخطيرة بشكل واعي بعيدا عن أستخدام أساليب العنف المرضي، خاصة أن هناك ملفات تتطلب انتهاج مبدأ كتمان الأسرار بالدرجة الأولى، بالإضافة لعدم إظهار الاستسلام وذلك أجل احتواء ثقافة الخصومة ”المريضة“.