التحصين الفكري لمواجهة فيروس التطرف
الخطوة الرائعة والذكية التي قامت بها وزارة التعليم والمتمثلة بإنشاء وحدات خاصة بالتوعية الفكرية في جميع الإدارات التعليمية والجامعات وفق استراتيجيات واضحة ومسؤولة لتعزيز قيم المواطنة والاعتدال والوسطية ومحاربة كل مظاهر التطرف والتشدد والانحراف، تُعدّ قفزة نوعية في هذا القطاع الوطني الضخم.
والتعليم في كل العالم، سواء العام أو الجامعي، هو الحاضنة الأكبر والأهم، بل والأكثر خطورة وحساسية، لأنه يُعتبر المصنع الحقيقي لبناء الأجيال الصغيرة والشابة، كما لا يمكن إغفال قيمة ودور التعليم كجسر عبور متين لتقدم وتطور المجتمعات والأمم.
ويُخطئ من يظن أن الأهداف المهمة للتعليم تتمحور فقط حول إكساب الطالب بعض المهارات والمعلومات والمعارف، وهي بلا شك أهداف كبيرة وضرورية، ولكن ثمة أهداف أخرى لا تقل مكانة وأهمية، وهي نشر وترسيخ قيم التسامح والاعتدال والتعايش وقبول الآخر والولاء والانتماء للدين وولاة الأمر والوفاء للوطن، والوقاية والتصدي للأفكار المتطرفة والأجندات المشبوهة والسلوكيات المنحرفة.
ويتصدر قطاع التعليم في المملكة كل القطاعات الرئيسية التسعة في ميزانية الدولة منذ سنوات طويلة، وقد استحوذ على 18,8% من نفقات ميزانية هذا العام 2021 وهو ما يُقدّر بنحو 186 مليار ريال. ويوجد في المملكة أكثر من 36 ألف مدرسة في التعليم العام بمراحله الثلاث، وتضم أكثر من 6 ملايين طالب وطالبة، وتتجاوز الهيئة التعليمية ال600 ألف معلم ومعلمة. وفي التعليم العالي، توجد 36 جامعة يدرس فيها أكثر من مليون ونصف المليون طالب وطالبة، هذا بالإضافة للكثير من الكليات والمعاهد التقنية والفنية التي تُعلم وتُدرب الآلاف من الطلاب والطالبات في كل أنحاء الوطن.
هذا القطاع الضخم بكل أرقامه وإحصائياته وتفاصيله القياسية، يحتاج إلى استراتيجيات تعليمية محددة وحوكمة إدارية منضبطة وحصانة فكرية مسؤولة، لكي تكون مدارسنا وجامعاتنا ومعاهدنا بيئة علمية وصحية وواعية، لتُنتج الشخصية المتوازنة والسوية والوطنية التي تتمسك بالثوابت الدينية والمجتمعية والتي تفخر بقادة ورموز الوطن والتي تتباهى بحضارة وتاريخ هذه الأرض الملهمة.
كل الشكر والتقدير لوزارة التعليم لاهتمامها وحرصها على حماية وتحصين أجيال الوطن، وليت كل الوزارات والقطاعات تستلهم هذه الفكرة الوطنية الرائعة.