نعم لحوار الحضارات واعرضوا عن أهل الفتنة
بسم الله الرحمن الرحيم
نعم لحوار الحضارات واعرضوا عن أهل الفتنة
قال تعالى :" ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة "
في هذا العصر وهو عصر التقنية والعالم أصبح قرية واحدة والذي ينبغي فيه أن كل شعب وكل قبيلة وغير ذلك أن تتواصل وتتعارف والغرض من هذا الإتصال هو استفادة الإنسان من أخيه الإنسان لأنه لاشك أن الشعوب تستفيد من بعضها البعض وهذا ما حث عليه الكتاب العزيز قال تعالى : ( وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا ) غير أن أصحاب المصالح الشخصية سواء كانوا أفرادا أم أحزابا أو حتى دول عظمى وغيرها تغلب جانب المصلحة الذاتية على المصالح النوعية الكلية حتى وإن كلف الإنسانية القتل والتهجير والتشريد والجوع والعرى والفقر والمرض والمهانة والدل وكل مايمس ويحط من كرامة الإنسان وعزته فإلإنسان عوض أن يجلب إلى أخيه الإنسان المنفعة والخير يشن البعض على البعض الهجوم والتعدي والإفتراء والكذب والتخوين والإقصاء والإلغاء لأنه لايوافقه في المعتقد والإنتماء سواء كان إنتماء دينيا أو قوميا أو سياسيا أو قبليا أو مناطقيا والمشكلة أن بعض هذه الصفات التي يقومون بها محسوبين على رجال الدعوة والوعظ والإرشاد وممن يلمعون دواتهم ويزكون أنفسهم ويتبجحون بأنهم من الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ومن الوسطيين المعتدلين ويحسبون أنفسهم ضد الفئة الضالة إلا أنهم يصطفون ويتحزبون ضد شيعة أهل البيت وضد مراجعها ولاسيما ماصدر من رجل الدين السعودي الشيخ محمد العريفي من كلمات نابية وبديئة وسيئة ضد المرجع الإسلامي العالي القدر والشأن المعظم آية الله العظمى السيد علي الحسيني السيستاني ووصف السيد بصفات مشينة يهتز لها عرش الرحمن ويغضب لها الجليل الجبار ومع الأسف يأتي الدكتور النجيمي الخبير بالشؤون الفقهية وهذا الرجل يتوسم فيه جماعة من الطائفة الشيعية ولعله سماحة الشيخ الصفار بأنه من دعاة التسامح والوحدة الإسلامية والشراكة في الوطن وقد دعي إلى محافظة القطيف المحروسة إلا أن موقفه لم يكن حياديا ومحقا ومصيبا بل كانت رائحة الطائفية تفوح من بين جوانبه وقد أخذته العزة بالإثم وتهجم وصرف وحمل بعض مقولات السيد السيستاني مالايحتمله بعيدا عن الموضوعية . ثم جاء الأربعون موقعو البيان ينتصرون للعريفي . وهذا التصرف هو وقوف ضد الأخلاق الإسلامية والآداب وضد المعروف .
المشكلة أن بعض الدعاة في هذا البلد لاتقتصر دعوتهم على التدريس وإرشاد الناس ووعظهم وتذكيرهم بالله وتخويفهم بآخرتهم حتى يسلك الناس سلوكا طيبا ، بعض هؤلاء ليست عندهم مقومات الدعوة إلى الله ، هؤلاء كأنهم يقتدون ببني أمية في السب والشتم فإن بني أمية سبوا أمير المؤمنين علي إبن أبي طالب وصي أمير المؤمنين والخليفة الرابع الراشدي عند أهل السنة والعريفي يعيد ماجاء به بنو أمية ويطبقه على السيد بوصفه الزنديق الفاجر .
مادمنا نعيش في هذه الحياة فالتدافع بين البشر لابد أن يكون فالناس مختلفون ولايمكن لأحد أن يجبر الناس على تفكير واحد وسلوك واحد فالحوار له أهميته وخطره ومنفعته فهناك حوار الحضارات من قبل آلاف السنين واستمرار هذا الأمر إلى أن تقوم الساعة وبالطبع لابد من قبول الآخر حتى لاتعم الفوضى وهذا ما يلائم الطبع البشري والجبلة الآدمية إلا من شد عن الفطرة التي فطر الناس عليها .
وتعاليم نبي الإسلام مستفيضة في آداب الحوار وأدب الإختلاف مستمدة من أخلاقه العملية ومن أقواله فإن النبي أثر على الناس وجدبهم إلى الإسلام بأخلاقه أكثر من كونه نبيا ووصفه الله في كتابه العزيز ( وإنك لعلى خلق عظيم) ، (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك) وقد زخرت آيات القرآن الكريم وأشادت بمواقف رسول الله إجمالا وتفصيلا بحكمة النبي صلى الله عليه وآله وبمواقفه الرصينة المناسبة سواء في حوار أو جدال أو وعظ أو أرشاد أو حكمة " ادعو إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة " أو صلح أو سلام وحتى بالمراسلات للملوك كما للقياصرة والأكاسرة أو حتى من يقابله بسوء من الكفار فإنه يقول : اللهم اهدي قوم فإنهم لايعلمون وقد حصل الأدى من بعض أصحابه وهذا موجود في المصادر الإسلامية ومنها القرآن الكريم والسنة النبوية ، ولكن قابل الإساءة بالإحسان فالمعروف من سيرته أن البعض تصرف بتصرفات لاتليق أن تكون بمحضر في مقام النبي وهو حجة الله على الخلق وسيد الكونين وإمام الأمة ونبي الرحمة والرؤوف بالمؤمنين والحريص على الأمة ولكن النبي وهو في الواقع معجز من معاجزه أن يتحمل البعض من الأوباش . واختيار المدينة الطيبة جانب من التعرف على الشعوب والحضارات وإن رفضوا دعوته أهل بلده وأهل وطنه فاليهاجر ويبث دعوته في مكان حضاري مع أناس يتقبلون المدنية والحضارة والقوانين والدساتير ولذلك سن من خلال تعاليم السماء القوانين الإسلامية التي تكون في الإنسان سواء تتعلق بالعبادة أو المعاملة أو القضاء أو الميراث أو غيرذلك وكلها تصب في مصلحة الإنسان وسعادته.
على الدعاة والمتحاورين أن يقتدوا بعلمين من أعلام الإسلام من الطائفتين المسلمتين الكبيرتين السنة والشيعة ، الأول حجة الإسلام وشيخ الأزهر الإمام الشيخ سليم البشري والثاني آية الله العظمى الإمام الأكبر السيد عبد الحسين شرف الدين فإنهما مثلا أدب الحوار والمناظرة في بحثين مهمين جليلين الأول في الخلافة العامة عن رسول الله والآخر في المرجعية الدينية في الأحكام والسلوك والأخلاق وتعاليم الكتاب والسنة فإن هذين العلمين الجليلين مثلا قمة الخلق الإسلامي الرفيع وكانت غاية كل منهما الوصول إلى الحق وليس التغلب على الآخر بالباطل فبحوثهما في كتاب المراجعات يحمل في طياته العلم الغزير والأدب الرفيع والحوار الهاديء وقد توصلا كلا منهما إلى نتيجة وهي أن أمير المؤمنين هو الوصي من بعد النبي والإمام والممثل عنه وأهل بيته من بعدها سواء في الخلاقة العامة أو المرجعية الدينية والحمد لله رب العالمين.
ينبغي في أي محاورة الهدف فيها الوصول إلى الحقيقة ليس فقط في أمور المذهب والدين بل في كل شيء سواء في حقوق عامة أو أمور أسرية أو على مستوى العمل أو على مستوى الشورى في القضايا العامة حيث لاتغلب العصبية على الموضوعية ولا العاطفة على العقل وليس لأحد أن يقول كل واحد يعتقد أن الحقيقة له لأن هناك ميزان يزن الأمور وهي الآلة القانونية التي تعصم بمراعاتها عن الخطأ في الفكر .
الحوار والإنفتاح على الغير أو على الحضارات ليس بدعا ولا شدودا وينبغي أن لايتوجس منه ولايخاف وقد جلس رؤساء الدول التي لها أهميتها ووزنها مع البابا يتحاورون كله من أجل السلام والتعايش والنفع والمصلحة التي تعود إلى الإنسان والنقد مهم جدا ولكن المنهي عنه هو التجاوز على الرموز والإساءة والهجوم عليهم واختيار مادة نقد من عبد الرحمن الراشد كقوله أن العريفي ينقد السيد علي السيستاني غير صائبة وأعتبره تقليل من أهمية الأمر بحيث ساوي فيه الجلاد والضحية وجعلهما في مستوى واحد. هجوم وتعدي على المرجعية وإساءة لطائفة وهم نصف المسلمين يعتبره نقدا وهو في الحقيقة ظلم وليس نقدا و هذا لا يليق بصحفي له خبرته وأهميته إلا إذا كان هناك أمر آخر .
ينبغي للإنسان السوي أن لاينزل ويحاور من ليس عنده استعداد لقبول الآخر وأدب الحوار والمناظرة لأن البعض يحاور و ليس غرضه الوصول إلى الحقيقة وإنما يريد أحيانا التغلب بالباطل وأحيانا لقلب الحقائق وأحيانا للتصغير من قدر ومنزلة الآخرين ولذلك يختلق أمور أجنبية عن موضوع المحاورة والمناظرة والبعض يريد من خلال هذه المحاورة زج الآخرين ليوقع بهم الضرر ويؤلب الناس عليهم والغرض الفتنة وأحيانا تشويه المذهب الشيعي من خلال استقطاب المتشددين إلى قناة المستقلة وهي واحدة ممن تنطبق عليها هذه الأمور فأغراضها ليست أغراض شريفة فليس قيام الحامدي ليوصل الناس إلى الهداية وإنما قد تبين للقاصي والداني أن هذا الرجل فتح دكانه ليحصل على ثمن بخس ويكد جنيهات وإن كانت تخيل اليه أنها كثيرة إلا أنها إذا لم يتب ويعود إلى رشده فإن مال السحت سيكون نارا يأكله في بطنه . فأنصح أي أحد من المسلمين سنة أم شيعة أن لاينظر إلى قناة الفتنة وأقترح على أي أحد من علماء الدين أن لايستجيب إلى هذا المأجور.