حرب الشائعات في عالم الشبكات
يبدو أن مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي تواصل وبشكل مركز ومكثّف محاولاتها المحمومة والحثيثة لتغيير فكر ومزاج المجتمعات والشعوب، بل وصنع واقع جديد يكاد يكون مغايراً تماماً لكل ما كان عليه العالم خلال كل تلك العقود الطويلة.
والكتابة عن قيمة وأهمية وتأثير هذه المنصات والتطبيقات والشبكات التي تقود البشر منذ ثلاثة عقود، قضية معقدة ومثيرة وتحتاج لمقاربة وملامسة الكثير من التفاصيل والحقائق.
وحسب التقرير السنوي الأخير لمنصة «HOOT SUITE» العالمية، فإن عدد المستخدمين لمواقع وتطبيقات التواصل الاجتماعي في كل العالم قد تجاوز ال 3,5 بليون مستخدم وهو رقم يُعادل نصف سكان العالم تقريباً، وهناك 136 مليون مستخدم في الوطن العربي بنسبة تزيد على 53 % من عدد سكان الوطن العربي الذي من بينهم 23 مليون مستخدم في المملكة العربية السعودية فقط وهي نسبة عالية جداً تصل لـ 68 % من عدد سكان المملكة. هذه الأرقام والإحصائيات القياسية والضخمة لمستخدمي مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي في كل العالم، تؤكد بما لا يدعو للشك أهمية وخطورة وتأثير هذا «العالم الافتراضي» الذي تحوّل وبشكل دراماتيكي ومخيف إلى «واقع حقيقي».
كثيرة وكبيرة هي مخاطر وسلبيات هذه التطبيقات والشبكات الاجتماعية، تماماً كما هي رائعة ومفيدة في الكثير من استخداماتها وتوظيفاتها الإيجابية، وتلك هي طبيعة الأشياء والأمور والتي يكون الفيصل فيها هو طريقة الاستخدام والتوظيف. وسأخصص ما تبقى من هذا المقال للكتابة عن «حرب الشائعات» التي تصنعها وتقودها مواقع ومنصات التواصل الاجتماعي في بنية الفكر والمزاج الإنساني.
الشائعات والأكاذيب التي تنشرها وتروّجها مواقع وشبكات التواصل الاجتماعي، هي حرب قذرة تقودها دول ومنظمات ودوائر تُريد تمرير رسائل ومخططات وأجندات مشبوهة للنيل من أمن واستقرار وتنمية الكثير من المجتمعات والشعوب والأمم.
لقد تحوّلت الإشاعة من مجرد خبر من أجل التسلية والإثارة إلى «حرب كونية» لها أدواتها وأسلحتها، تصنعها وتستخدمها الدول والدوائر والشركات، وذلك من أجل السيطرة على مقدرات وثروات الدول والأمم، فضلاً عن سيطرتها على فكر ومزاج مجتمعاتها وشعوبها.
كثيرة وخطيرة هي تلك الشائعات والأباطيل المغرضة التي تتمظهر بشكل لحظي في منصات وشبكات التواصل الاجتماعي، ولكن أخطرها وأشدها فتكاً هي الشائعات والأكاذيب المصممة بخبث وحرفية لإيقاع المجتمعات والشعوب في فخاخ الطائفية والعنصرية.