كيف نصنع إعلاماً قوياً؟
الإعلام، رغم كل الأدوار والوظائف والاستخدامات المهمة التي يُمارسها كصناعة وتشكيل وتوجيه الرأي العام الجمعي في كل المجتمعات والشعوب والأمم، إلا أنه في حقيقة الأمر صدى للواقع/ المشهد الذي يتعامل ويتفاعل معه. والإعلام، كسلطة رابعة مؤثرة وكقوة ناعمة خطيرة، وبعيداً عن زحمة التعريفات والتوصيفات، هو وسيلة/ وسيط لنقل الأفكار والأخبار والأحداث. الإعلام الآن، بل ومنذ سنوات طويلة، هو من يقود العالم، ولكنه رغم كل تلك القوة والأهمية والتأثير، هو صورة ما للواقع.
وللإجابة على السؤال/ العنوان أعلاه، سأضع على عجالة وباختصار سبعة من الأسرار/ العوامل التي تجعل من الإعلام قوياً:
الأول: وجود رؤية/ استراتيجية إعلامية واضحة الأهداف وواقعية التطبيق وعالية الجودة، وهي أشبه بمنظومة إعلامية وظيفتها الأساسية: صناعة كاريزما إعلامية وطنية قوية.
الثاني: إحداث غربلة وتحديث شامل لأقسام وكليات الإعلام في جامعاتنا الحكومية والخاصة، لتُمارس دورها الفاعل في إنتاج خط إعلامي متخصص ومدرب ومؤهل، يستطيع بما يملك من كفاءة وقدرة وجرأة على الظهور والعمل بشكل احترافي ومهني.
الثالث: القناعة التامة أن الإعلام القوي بحاجة ماسة لحرية تعبير مسؤولة ومنضبطة وواعية، تُغلّب المصالح والثوابت الوطنية العليا، وما دون ذلك فإن الإعلام بحاجة لمرونة وجرأة ليتناغم ويواكب المدارس الإعلامية الشهيرة في كل العالم.
الرابع: الصورة الإعلامية لداخل أو خارج أي وطن، هي أشبه بترمومتر دقيق وحساس، يُقاس عادة بمستوى التنمية والتطور والتعليم والحرية والتسامح والانفتاح وغيرها من القيم والثقافات المتطورة، الأمر الذي يمنح الآخر الفرصة لتكوين صورة ذهنية عن ذلك الوطن، سواء سلبية أو إيجابية.
الخامس: وجود شبكة إعلامية متكاملة لمخاطبة ”الآخر“ بعدة لغات وأساليب وطرق، لمد جسور متينة وآمنة مع الآخر القريب والبعيد والمختلف.
السادس: التحوّل السريع لواقع الإعلام الحديث بكل وسائله ووسائطه ومنصاته، فهو المسيطر الآن على كل مفاصل/ تفاصيل الحياة في كل العالم، وهو الوجه الحضاري الحديث الذي يصنع الحضور القوي والفاعل والمؤثر للمجتمعات والشعوب والأمم.
السابع: لا بد من توفر حزمة كبيرة من القوانين واللوائح والإجراءات التي تنظم وتُشرّع وتُجرّم وسط كل هذا التسونامي من وسائل ومنصات النشر والإعلام، لتُصبح منظومة محددة الأدوات والآليات والمآلات، وتُمارس دورها القيادي والحيوي بشكل مسؤول ومنضبط.