عيد بطعم ال Limited Edition
قد لا أبدو مبالغاً أو مهولاً، إذا قلت بأن هذه النسخة الأخيرة والمثيرة من ”عيد الفطر السعيد“، لم تكن في مدارك الحسبان أو حتى في شطحات الخيال، فهي نسخة فريدة من الطراز الذي يحدث/ يُصنع لمرة واحدة فقط، تماماً كما هي الحال في صناعة بعض السيارات والأجهزة والملابس والقهوة، وهو ما يُطلق عليه عادة ب ”الإصدار الخاص أو المحدود“ أو Limited Edition، ويبدو أنها عادة/ طريقة لن تقف عند حد أو نوع.
يأتي هذا ”العيد السعيد“ في ظروف استثنائية لم يشهدها العالم في عصره الحديث، وقد يكون في كل تاريخه الطويل، فقد أجهضت جائحة كورونا كل ملامح ومصادر الحب والفرح واللقاء والألفة والاحتضان بين الأفراد والأسر والمجتمعات والشعوب والأمم، وتحوّل هذا الكون المزدحم بمصادر البهجة والمتعة والحياة إلى مليارات من الجزر المعزولة والماهولة بفرد واحد أو عدة أفراد لا أكثر.
لقد أصبحت حياتنا عن بُعد في كل تفاصيلها الصغيرة والكبيرة، وكنّا نطمح ونُمني النفس بأن هذا ”العيد السعيد“ سيُبلسم كل الجراح وسيُقرّب كل المسافات وسيُلم كل الشتات، ولكنه سقط - تماماً كما سقط كل شيء جميل - في فخاخ هذا الوباء البغيض الذي زرع الخوف وحصد الأرواح وخلّف الدمار.
العيد، ألبوم صور وحقيبة ذكريات، العيد شلال فرح وشباك ألق، العيد ضحكة طفل وحكاية عشق. العيد، كرنفال حب وفرح وبهجة، وروزنامة ألوان وأناشيد وأمنيات، وعالم من الآمال والأحلام والدهشة. العيد، شرفة باذخة تطل على أودية الجمال وجداول الذكريات وبساتين الأنس.
منذ سنوات والعيد لم يعد كما كان، لم يعد ذلك الزائر الجميل الذي تستقبله القلوب والأرواح المترعة بالشوق واللهفة، ولم يعد ذلك الوهج المكتنز بالألوان الزاهية، ولم يعد البشارة السعيدة التي ترسم الأمنيات. العيد منذ سنوات، لم يعد كذلك، ولم يعد ”الهدية“ التي تتبادلها القلوب والأرواح، وتحوّل إلى مجرد مشهد/ كادر جماعي لالتقاط الصور الباهتة وعرض التهاني الجاهزة.
العيد منذ سنوات، فقد الكثير من بريقه ووهجه وألقه، كما هي حال كل الأشياء الجميلة في حياتنا، وليت الأمر وقف عند هذا الحد، فها هي جائحة كورونا تُكمل مسلسل الغياب والتباعد لهذا العيد الذي تاه في صحاري الخوف والقلق والمجهول.
هذه النسخة الأخيرة والمثيرة من ”عيد الفطر السعيد“، ستكون بإذن الله النسخة الوحيدة التي لن تعود من جديد، لتبدأ حياتنا من جديد كما كانت: حب وقبل وأحضان وفرح وتقارب وأمان.