إلى أين الرحيل
قالت سيدتنا ومولاتنا فاطمة الزهراء عليها السلام
(والأمر بالمعروف مصلحة للعامة)
لم تخبرني بأنك قد عزمت الرحيل يا أبا أحمد كي أتزود من طلعتك وأشبع من النظر إلى وجهك ، لم تخبرني بأنك عزمت على الرحيل لمن أحببت ، للحسين وآل الحسين (عليهم السلام) لم تخبرني كي أقول لك وداعا ، لقد بلغت الأربعين خريفاً وبلغ عطاءك أوجه ونشاطك تميزه وروعة حضورك توهجه، كنت أنت النشط في كثير من الميادين وفي أكثر من مجال ، لم يشغلك وجود عائلة لديك عن العمل والتنبه للقيام بدور في خدمة الدين و المجتمع، وكأنك تريد أن تقول لمن لديهم أبناء هاأنا هنا شاهد عليكم فما لدي من الأبناء لم يجعلني متأخراً عن أداء واجبي تجاه مجتمعي ولم أقصر في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وها أنا دفعت دمي في سبيل ذلك متبعاً هدي أبي عبد الله الحسين عليه السلام دمه من أجل الدين والأمر بالمعروف و نحن شيعته التابعون له أحق الناس بإتباعه والسير على طريقه عندما قال (إنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر).
لله درك يا شكري فلقد كنت خفيف المؤونة لين العريكة تشعرنا باحترامك و تقديرك و كان كل أمرٍ تقوم به يترك بصماته في قلوب من عرفك ومن هم حولك، لقد كنت محبوباً من الكثير و ممن عرفك لدماثة خلقك ولسرعة مبادرتك ولنفسك الطيبة وخلقك الرفيع.
لقد كنت تسمعنا وتستمع لنا لم يضق بالك يوماً من الأيام بما نقدمه لك من اقتراحات أو انتقادات فلقد كنت تتقبلها بصدرٍ رحب وبتأنيٍ واستماع تشعر الآخرين بالرضا، عندما التقيك كنت تشعرني بقربك مني وبشدة وقوة العلاقة التي بيننا و بطيب ودادك وحًسن ترحيبك، مبتدراً وقائلاً السلام عليك يا خال ، وكأنك تريد القول لأبنائك هذا هو خالكم وهذا ما يجب أن تقوموا به لأجله وكأنك تحثهم على احترامه ، وطالما سمعت منك قولك هؤلاء أبناؤكم في إشارة لأولادك وكأنك توصينا بهم وتشير إلى أنك قد عزمت الرحيل باكراً
حضورك في القلوب والضمائر قبل رؤيتك، لا زالت تحاياك وترحيبك لي كبحر من الذكريات يموج و يتموج أمام ناظري أستعيده بين الفينة والأخرى ، لقد كنت في الناس كأحدهم تشاركهم بصمت وعمل ،أنا لم ولن أنسى لحظات اللقاءات التي عشناها و تعايشنا معك فيها ، لأن بصمات خُلقك الكريم ولطف خصالاك و صفاء ترحيبك واحترامك كل ذلك لا زال يفرض وجوده على تفكيرنا و خيال طيفك مرفرفٌ على رؤوسنا وكأنك أردت الرحيل في موكبٍ أكثر قدسية من هذه الحياة
إنك أنت وأمثالك لشهود أحياء على واقعنا وشهود على مجتمعنا الذي ترك فريضة الأمر بالمعروف ، لقد كنت تعرف إن التصدي للمنكر والأمر بالمعروف هو إحدى الواجبات وفرع من فروع الدين الذي غيبناه عنا ، نعم إن تغييرنا لواقعنا يحتاج التضحية والبدل منا ولن نستطيع أن نغير واقعنا بأقل الخسائر كي نحقق أفضل النتائج و دون أن نقدم شيئاً يذكر في سبيل تحقيق ذلك الهدف لقد قدم الحسين (عليه السلام ) نفسه وأهل بيته في سبيل الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر .
فرحمك الله يا أبا أحمد حياً و ميتاً وسقاك الله يوم العطش الأكبر شربة لا تظمأ بعدها أبدا (من حوض أمير المؤمنين وحشرك يا محب الحسين مع الحسين وآل الحسين إنه سميع مجيب