هل لغتنا العربية مهددة بالذوبان والاندماج؟
تُعدّ اللغة لكل أمة الهوية والأصالة والحضور، بل هي ”القوة الناعمة“ التي تضعها في قوائم المجد وصدارة الألق. اللغة هي اللسان الفصيح الذي يصدح بالأفكار والرؤى والعلوم والآداب، وهي الأداة الأمينة التي تنقل القيم والمبادئ والمعاني، وهي الكتاب الذي ينشر الثقافات والعادات والطموحات. اللغة، سر الوجود، بل هي مصدر وحدة الأمم.
واللغة العربية، لغة القرآن والحديث والسمو، التي يتحدث بها أكثر من 400 مليون عربي، ولغة العبادات لأكثر من مليار ونصف مسلم في كل العالم، واللغة السادسة في منظمة الأمم المتحدة. اللغة العربية التي كانت المنبع الصافي لكثير من لغات العالم، وصاحبة الخطوط الأجمل من بين كل اللغات في العالم، وفي المرتبة الأولى من حيث عدد الكلمات والاشتقاقات بعدد يتجاوز 12 مليون كلمة، بينما لا يزيد عدد كلمات اللغة الإنجليزية وهي الأكثر شهرة واستخدامًا في العالم على 600 ألف كلمة.
ويُصادف اليوم ”18 ديسمبر“ الذكرى السنوية لليوم العالمي للغة العربية الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 2012 ليكون مناسبة دولية كل عام للاحتفاء بقيمة ورمزية ومكانة اللغة العربية، إضافة إلى تذكير العالم بهذه اللغة التي قدمت للحضارة البشرية كثيرًا من الإنجازات والإبداعات، وكان لها الفضل الكبير في نهضة كثير من الأمم في العالم.
وسيكون شعار/موضوع هذا العام هو ”اللغة العربية والذكاء الاصطناعي“، وستطرح منظمة اليونسكو التي تشرف على هذه الفعالية العالمية الكبرى ثلاثة محاور رئيسة هي: تأثير الذكاء الاصطناعي في صون اللغة العربية، وحوسبة اللغة العربية ورهان المستقبل المعرفي، وإطلاق التقرير الإقليمي ”اللغة العربية بوصفها بوابة لاكتساب المعارف ونقلها“.
ولما تحمله المملكة من قيمة ورمزية وحضور على المستويين العربي والعالمي، فهي أرض الرسالة الخالدة التي نزل بها الوحي عربيًا خالصًا، وهي الدولة المهمة في قائمة أهم وأقوى الدول في العالم، تُنظم اليونسكو احتفالية اللغة العربية لهذا العام بالتعاون مع الوفد الدائم للمملكة العربية السعودية لدى اليونسكو وبالشراكة مع مؤسسة سلطان بن عبدالعزيز آل سعود الخيرية.
اللغة ليست مجرد وسيلة للنطق، ولكنها الأداة الأهم للتواصل والقوة والسيطرة. واللغة ليست مجرد حروف تُكتب، ولكنها محبرة الأصالة وكاتبة للمجد وصانعة للسيادة.
اللغة العربية في عصر العولمة والرقمنة تواجه كثيرًا من التحديات والصعوبات، منها على سبيل المثال لا الحصر هذه الأسئلة التي لا تحتاج إلى إجابات عاطفية ولكن إلى حلول حقيقية: هل تواجه اللغة العربية تحديًا حقيقيًا في عصر العولمة؟ وما مستقبل لغة الضاد؟ ولماذا لا يُمارس التعليم دوره الفاعل للحفاظ على هويتنا اللغوية؟ وهل لغتنا العربية مهددة بالذوبان والاندماج؟