قوتنا الناعمة.. الكنز الذي لم يُكتشف
يُعد مصطلح «القوة الناعمة» الذي يُستخدم كتعبير واضح عن الأساليب والطرق والاتجاهات التي تُمارسها الدول والشعوب والمجتمعات، من أجل التأثير والهيمنة والجذب، وهي أدوات تُسهم في تجسيد مبادئ وقيم وقناعات تلك الدول والشعوب والمجتمعات. القوة الناعمة، هي «أسلحة ناعمة» تختلف كثيراً عن تلك الأسلحة العسكرية النمطية، وظيفتها الأساسية تحقيق التفوق والتميز بأسلوب رشيق وبشكل مؤنسن، بعيداً عن التدمير والتخريب.
ويعتقد «جوزيف ناي»، أول من صاغ هذا المصطلح، وذلك في عام 1990 والذي شغل منصب مساعد وزير الداخلية في عهد الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون، بأن مجموعة القوى الناعمة المختلفة، تُمثّل أسلوباً حديثاً، نسخ الكثير من الأساليب النمطية التقليدية التي تعتمد على العنف والتدمير لكسب التبعية والهيمنة، إضافة إلى أن القوة الناعمة تملك قدرة فائقة على الجذب والإقناع، دون اللجوء لممارسات كريهة أو خشنة.
وبعيداً عن الوقوع في فخ التعريفات ومتاهة الغايات وغموض السياسات التي تُرافق هذه القوة الناعمة الحديثة التي تحولت لمادة تُدرّس في الجامعات والمعاهد العلمية ومراكز البحوث، أصبح مفهوم القوة الناعمة حاضراً بقوة في كل تفاصيل حياتنا، الصغيرة والكبيرة، بل وتماهى مع كل اهتماماتنا ورغباتنا وقناعاتنا.
ولكن، ما هي أمثلة ونماذج وعناصر تلك القوة الناعمة التي تستخدمها وتوظفها الدول والشعوب، لممارسة التأثير والإغواء، بغية جذب وإقناع الآخرين/ المستهلكين في كل العالم، سواء كانوا أفراداً أو شعوباً، كل ذلك عبر استحداث وصياغة صور/ قوى مؤثرة ومسيطرة.
الأمثلة والنماذج للقوة الناعمة، كثيرة ومتنوعة، ولا يمكن حصرها، فضلاً عن فرزها وتصنيفها، لأنها تتشظى وتتمحور بشكل ديناميكي وبسرعة فلكية. وفي دراسة حديثة لجامعة ييل الأميركية الشهيرة، تم رصد 100 من النماذج/ الصور الواضحة ذات التعريف الدقيق للقوة الناعمة، استطاع أغلبها ممارسة الاختراق والتغلغل في الشعوب والمجتمعات في كل أنحاء العالم.
ويمكن إجمال وتجميع عشرات، بل مئات من الأمثلة والصور والنماذج للقوة الناعمة في هذه العناوين الرئيسية: العلوم والمعارف والآداب والطب والفنون والسينما والدراما والمسرح والغناء والرسم والإعلام والثقافات والتاريخ والآثار والتراث والفلكلور والمتاحف والمهرجانات والملتقيات والسياحة والرياضة والترجمة.
في المقال القادم، سأضع قائمة تضم أهم سبع قوى ناعمة تتمتع بها المملكة العربية السعودية، والتي تحظى بالكثير من الثروات والقدرات والإمكانات التي تؤهلها لصدارة الدول الكبرى المؤثرة، وذلك بما تملك من حزمة كبيرة من القوى الناعمة.
عزيزي القارئ: لماذا لا تُشاركني في رصد تلك القوى الناعمة السعودية؟.