السعودية.. بر الأمان
أثار مقطع فيديو مُتداول لا تتجاوز مدته دقيقتين لشاب أرجنتيني من أصول لبنانية، إعجاب وفخر المجتمع وسط السعودي، بل وأصبح هو الـ «ترند» الأهم والأكثر جاذبية في ذائقة السعوديين بمختلف مستوياتهم. هذا المقطع الصغير، رغم ما فيه من مشاعر وأحاسيس ووفاء، إلا أنه يفتح ملفاً مهماً وحساساً، لم يحظ بالاهتمام والعناية في أوساطنا الثقافية والاجتماعية والإعلامية، ألا وهو الصورة/النظرة التي يحملها الآخر لوطننا السعودية.
ظهر في مقطع الفيديو، شاب لبناني يتحدث بلهجة عربية ممزوجة بطعم الحنين والوفاء للسعودية، وتحديداً لمدينة الخبر الساحلية التي ولد فيها عام 1979، وعاش فيها 18 عاماً. علي وهبي، يتحدث من الأرجنتين عن السعودية بمشاعر فياضة وصادقة، وكيف كانت تُمثّل له ولأسرته الأمان والاستقرار والخير. يقول علي وهبي: «حينما تهبط بنا الطائرة وسط أضواء مدينة الخبر، كنا نشعر بأننا وصلنا إلى بر الأمان».
نعم، السعودية كانت وما زالت، هي بر الأمان وسماء الكرم لكل من يعيش على ترابها الطاهر، من المواطنين والمقيمين، وهي مصدر الخير والثراء والفرص لملايين الطامحين من كل أنحاء العالم، وهي البوصلة الجاذبة التي تُشدّ لها الرحال، لتُحقق الأحلام والأمنيات.
كيف ينظر لنا الآخر؟. سؤال معقد وشائك، خاصة وأن مفردة الآخر، فضفاضة ومعقدة، وتحمل الكثير من المعاني والمضامين، لذا سأركز فقط على الآخر البسيط الذي قضى فترة زمنية من عمره على هذه الأرض الكريمة. الآخر الذي يُمثّل الملايين من المقيمين من كل الجنسيات والأعراق والأطياف، عاشوا في وطننا بكل أمن وأمان، تعلموا في مدارسنا وجامعاتنا، وعملوا في وزاراتنا وشركاتنا، ولعبوا في شوارعنا وأنديتنا، وكتبوا في صحفنا ومجلاتنا، وشاركونا في كل تفاصيلنا، الصغيرة والكبيرة، وساهموا في تنمية وازدهار وطننا.
وطننا السعودية الذي كان وسيبقى، بر الأمان لكل من يعيش فيه، يفخر بكل تلك السواعد المخلصة، وبكل تلك العقول النيّرة، التي شاركت ببنائه ونهضته، سواء من الأجيال السابقة للمقيمين أو من اللاحقة.
لا شك أن كلمات وعبارات الثناء والإطراء التي نسمعها أو نقرؤها عن وطننا من الإخوة والأصدقاء الذين عاشوا في وطننا، يدعونا للفخر والزهو بوطننا، تماماً كما تؤلمنا وتُشعرنا بالمرارة كلمات الجحود وعبارات النكران. هي معادلة صعبة لا يمكن حلها في كثير من الأحيان، فمن الصعوبة، بل من المستحيل، أن نتحكم في مشاعر ومزاج وقناعة الآخر، مهما حاولنا ذلك. شهادة الآخر في وطننا، قوة ناعمة لا يُستهان بها، فنحن نعيش في عالم مفتوح على كل الاتجاهات والتجاذبات والاصطفافات، وهنا تقع علينا مسؤولية غاية في الأهمية، وهي أن نُحسن معاملة هذا الآخر، ونعدّه إضافة مثمرة لتنمية وطننا، لا أن نُشعره دائماً بأنه عبءٌ علينا.