اثر الحبّ على الروح
الحب:
التعبير عن الحب والكتابة عنه لا يطاله القلم مهما سطر من كلمات وجمل لأن الكلمات في هذه الحالة اشبه برموز النوته الموسيقية التي لا تستطيع وحدها أن تنقل إحساساً موسيقياً يجمع رقة الحب وعظمة الإعجاب وعمق التقدير. وإنما يحتاج الأمر او هذا النقل إلى لآألة غير القلم إنها آلة الأرواح وعندما تتلاقى الأرواح في الكلمات سوف تعزف باجمل الالحان.
الحب ظاهرة كونية، وحقيقة علمية، وغريزة أساسية مثل الخوف والغضب والفرح. إن أعظم عاطفة في الوجود هي الحب. الحب هو بداية الأشياء ونهايتها.
والحب مبرر الحياة وأصل الحياة وهو من أقوى العواطف وأكثرها تساميا بالإنسان وتهذيبا لمعدنه.
ومن محضن الحب يولد الإنسان. وبه ينمو ويترعرع. الحب صحة والكراهية مرض. وأعظم كارثة في الحياة هي انطفاء الحب فيموت الإنسان قبل الموت.
والحب يبدأ بإرادة القرب والمودة. الحب الصحي هو الذي يمنح الإنسان الهدوء ويهبه النشوة والاسترخاء وشعور الأمن والسعادة وتحقق الذات.
لا احد يلمح الحب بعينيه، ولا يستطيع ان يلمسه بأنامله، لكنه يستشعره بروحه.
انه يمنح الحياة معنى جميلاً، ويضيف اليها آفاقا رحبة، ويغسل بنوره كل الالوان القاتمة المترسبة في اعماق القلب، ويشيع البهجة والسرور، بل هو القادر على صنع المعجزات التي لا تقوى على صناعتها اي وسيلة من وسائل القوة المتعارفة لدى الانسان من مال وجاه وسلطة.
ان الحب. يفتح على روح الانسان ابواباً لم يرها من قبل، فتطل على واحات رائعة الجمال، لا يمكننا اعطاؤها حقها مهما أسهبنا في وصفها، ولن يتحسس ويشعر ما فيها الا من دخلها بشكل مشروع، فتمنحه الشعور بالامان والطمأنينة الروحية، وحينها يرى روعة الحياة في هذه الواحة الخضراء.
الحب. هو أن ترى الحياة يانعة تنتعش بألوان البهجة وأنهار الفرح العذبة الفياضة التى لاتجف ولا يقف هديرها. الحب هو أن تعيش حياتك فى ربيع دائم لاينقطع، فيكون الحب بسمة يحسها الوجدان، ونسيم يصنعه الحنان، وعطف يخرج من الأعماق، وصفاء ينبع كرائحة الزهور عند لقاء الربيع.
الحب. هو الذي ينقل الإنسان إلى تلك الواحات الضائعة. واحات الطهارة والنظارة والشعر والموسيقى لكي يستمتع بعذوبة تلك الذكريات الجميلة التائهة في بيداء الروتين اليومي الفضيع وكأنما هي جنات من الجمال والبراءة والصفاء في وسط صحراء الكذب والتصنع والكبرياء.
الحب الجوهري والشكلي:
الحب. علاقة حقيقية لا انقطاعية، لأنه شعور لا متناهٍي من السعادة والارتياح. والأنفس التي تقع في الحب الجوهري لا تكون منكسرة كثيرًا، لأنها تجد المكان الملائم لتفريغ الطاقات الإيجابية والسلبية فيه، فتجد الإنسان المحب لربه يتجه إليه في السراء والضراء، والإنسان المحب لحبيبه متجهٌ إلى حبيبه في حال الرضى والسخط. فقد وقع هؤلاء في الحب الجوهري الذي معه لم يعودوا يفكرون كيف يفرغون أفراحهم وأتراحهم، فهم يتجهون مباشرة إلى المحب، إما شكرًا وإما شكوى.
إن المثير هو الأمر العاطفي أو الانفعالي، فأنت ترى الجمال فتحبه، حيث يصبح الحب مجرد إعجاب شكلي ولكنه لا يدوم، لأنه قد يفقد ذلك الشكل فيفقد عنه الحب. فنستطيع أن نستخدم الشكل مدخلًا، لكن لا نتركه أساسًا للحب، وإلا فُقد الحب لمجرد تغيّر ذلك الشكل.
الجب الروحي:
الحب الروحي قد ترى أثره، فعندما تحب شخصًا ما لأن روحه فكاهية، فأنت أحببت الجوهر، وقد يكون شكلُه ليس حسنا. وقس على ذلك الإنسان الطيب. الخ. إذا، الحب الجوهري ليس له علاقة بالمثير؛ لأنه يصل الروح بالروح، واتصال الروح منقطع عن أي مثير؛ لأن الروح يعلم أثرها ولا تعلم مادتها، ولا يُنتبه كثيرًا للأشكال أو المثيرات. والجدير أن الأرواح المتصلة بحب بعضها تكاد تشعر بالشعور نفسه في آن واحد؛ لأن حبها لبعضها تجاوز مرحلة الأشكال والمثيرات. هذا الحب هو الذي يدوم؛ فالروح لا تتغير، والأساس هو الجوهر وليس الشكل.
الحب والطبيعة.
لو دققنا الملاحظة سنجد أن كل العواطف الايجابية بلا استثناء مرتبطة بالحب اساسا. فالجمال في الطبيعة والسماء والبحار والورود والمخلوقات كلها. يعزز الحب في النفس.
متى أدركت - لأول مرة - أننى أحب الطبيعة حبا زائدا على الحد؟ لا أذكر تاريخا معينا، ولكن دائما كانت روحى ترتاح للأفق الأخضر. لكننى لم أكن أعلم بعد أنها أصلى وفصلى وراحتى وحياتى.
كنت ألاحظ خفقة زائدة فى القلب حينما أرى زهرة. كنت أتوقف دون قصد وأتأملها، حتى أوشك أن أمتصها بعينى.، كنت أكتشف أننى بدأت التسبيح بحمد ربى دون أن أقصد. فقط أستمع إلى لهج لسانى بتمجيد الخالق بعد مضي وقت ليس بالقصير.
في الطبيعة كل لوحة وكل نظرة تعد بمثابة طاقة روحية تقوم بتنشيط قوى الحياة في داخلك، سواء كانت ذات طبيعة سلبية أو إيجابية. الطبيعة مثل الموسيقى والفن، حب الطبيعة هي لغة مشتركة يمكن أن تتجاوز الحدود السياسية أو الاجتماعية.
ومن الطبيعة فى ظنى أن الزهرة تسبيحة جميلة. هى فى الأصل عاشق خجول لا يعرف كيف يعبر عن حبه لربه، كيان رقيق ضربته صاعقة العشق الإلهى. قال الكيان الرقيق: «إلهى كيف أعبدك؟ كيف أعبر لك عما يفيض بذاتى من لوعة الحب؟ كيف أخبرك أننى أحبك أكثر مما أحب ذاتى. والزهرة أجمل النباتات وأكثرها رقة.
و الجمال قيمة من قيم الحب ومن يعشق الجمال ويستمتع بإبداع خلق الله لابد ان يكون من اصحاب القلوب العامرة بالحب فالجمال محفز طبيعي للحب داخل القلب والروح ودائما نسمع كلمة الله جميل يحب الجمال فالجمال الرباني والرحمة الإلهة دلالات على ان الله يدير هذا الكون برحمة وحب لا متناهي.
ولولا رحمة الله بنا ومحبته للخلق لخسف بنا الارض منذ الازل ولولا ان الله يحب عباده لما فرح الله تعالى بتوبة احدنا ففرحة الله بتوبتنا دلالة على حب الله العميق لنا فكيف نحن المخلوقين ننزع صفة الحب من قلوبنا ونتعامل مع بعضنا بدون محبة في الوقت الذي يجب ان نعود فيه الى اصل الكون وهو الحب في التعاملات والكلام والممارسات ولو عدنا الى ذلك الاصل واستشعرنا اهمية وعظمة الحب في حياتنا.
وإذا استمعنا إلى العلماء يفسرون مقالة الحب، والشعراء يعزفون أنغامه، والأدباء ينشرون سحره وبيانه، إذا استمعنا إلى مقالة الحب تنفذ في أعماق قلوبنا وعقولنا ووجداننا، إذا استمعنا إلى الحب، أمكن أن نعيشه بفاعلية، وتصبح الحياة حباً.
اذاً قيمة الحب عظيمة، لها انعكاس على أنفسنا وعلى من نحب وعلى أعمالنا، ومن ثم الأكيد على الحياة نفسها التي ستعكس بدورها كل الحب لنا، لأننا ندرك أن تأثير الداخل في أعماقنا في عالمنا الخارجي كبير وواضح. هناك قاعدة أساسية: «من يعرف الحب في داخله سيعرف الحب في كل الوجود»