هل نحن بحاجة لسمكة قرش في حياتنا؟
حينما استطاع الصيادون اليابانيون الحكماء أن يجدوا حلاً مبتكراً، لم يكن ليخطر على بال أحد، وذلك لإنقاذ مهنة صيد السمك في اليابان التي تعرضت للكساد والخسارة، بسبب وصول قوارب الصيد للأسواق اليابانية محملة بأطنان من السمك الهزيل وغير الطازج والذي لا يُقبل اليابانيون على شرائه، كل ذلك نتيجة لطول المسافة التي تقطعها تلك القوارب، لذا فقد وضع الصيادون اليابانيون في الأحواض الممتلئة بالأسماك في رحلة العودة الطويلة سمكة قرش في كل حوض، الأمر الذي أجبر الأسماك على الحركة والنشاط بشكل دائم للهرب من فم القرش الذي تحوّل لخطر داهم لهذه الأسماك التي وجدت نفسها في صراع دائم مع قرش مفترس، فبدت قوية ونشطة عند عودة القوارب للشاطئ، وهذا ما يُريده اليابانيون الذين يعشقون السمك الطازج.
ما يحدث للأسماك من تراخٍ وكسل وقلة حركة حينما تشعر بالأمان والاستقرار والسكينة، يحدث للبشر أيضاً. لا يوجد ما هو أكثر خطورة على الإنسان من بلوغ الهدف والوصول للقمة، حيث يجتاحه شعور بالأمان والرضا، فيظن بأنه قد وصل إلى «شاطئ الأمان» الذي تتكسر على صخوره الصلبة كل الأمواج العاتية.
الشعور بالرضا الكامل وبالنجاح المبهر، وغياب الرغبة في مواصلة الطموح والتحدي، هو الذي يقود الإنسان لذلك الشاطئ المُخادع الذي يُغري عشّاقه ويُوهم رواده. شاطئ الأمان المزعوم، هو أشبه بمرآة مُكبرة، تُظهر الصور/ الأنفس مُضخّمة، بل ولا تسعها المرآة.
نعم، فعالم الأسماك لا يختلف كثيراً عن عالم البشر. فنحن البشر، مهما كنا، بحاجة ملحة لسمكة قرش في بحر حياتنا. سمكة قرش، تقضّ مضاجعنا التي آثرت الراحة. سمكة قرش، ترفع سقف طموحاتنا التي أصابها الوهن. سمكة قرش، تُلاحقنا في كل مكان وزمان.
كريستيانو رونالدو وليونيل ميسي، ريال مدريد وبرشلونة، ماجد عبدالله وسامي الجابر، الهلال والنصر، طلال مداح ومحمد عبده، آيفون وجالكسي، والكثير الكثير من الرموز والمؤسسات والشركات والأشكال والحالات التي استثمرت «التنافس الشرس» فيما بينها لتتصدر قوائم الفخر والإلهام. لقد كان كل منافس من هؤلاء، هو سمكة قرش لغريمه، والعكس صحيح.
لنترك ذلك الشاطئ المُخاتل الذي يُخدّر طموحاتنا ويُثبّت أحلامنا، ولنرفع أشرعة التحدي ونُصارع الموج، بحثاً عن ذلك القرش الذي يُحرضنا دائماً على الهروب من ضعفنا وكسلنا وتراخينا، لنصنع مجداً متجدداً، بعيداً عن ذلك الشاطئ المخادع.