الأحساء: بهجة المكان وروعة الإنسان
كثيرة هي المدن التي قد نسكنها أو نمر بها لبعض الوقت، ولكنها قليلة - بل نادرة - تلك المدن التي تسكننا، والأحساء أيقونة الحضارة ورمز التسامح، تُمارس «الغواية» على زوارها، لتطبع في ذاكرتهم وأرواحهم صورة خالدة لا تُفارقهم مهما طال المدى.
وللمدن، سحرها وجمالها ودهشتها، ولكنها الأحساء من ثبتت بوصلة الألق. واحة الأحساء التي توجت جبين الوطن باختيارها ضمن المواقع التراثية العالمية في منظمة اليونسكو كخامس المواقع التراثية العالمية المسجلة في المملكة، كانت ومازالت واحة للخير وظلالاً للفرح.
بمناسبة الاحتفال بيوم الوطن الـ88، هذا اليوم الخالد في «سجل الوطن»، أقام نادي الأحساء الأدبي مهرجاناً وطنياً رائعاً، ضم العديد من الندوات والأمسيات والفعاليات، وذلك بمشاركة فاعلة مع العديد من المؤسسات والجهات العامة والخاصة، وهي حالة تميز بها هذا النادي الثقافي الرائع الذي آمن بضرورة شراكة المجتمع الأحسائي الجميل في كل مناشطه وفعالياته وفي كل تفاصيله الكبيرة والصغيرة.
كثيرة هي الفعاليات التي ضمها هذا المهرجان الأحسائي المميز، لعلّ أبرزها الأوبريت المذهل «للوطن موعد»، والذي جسّد عشق الإنسان السعودي لهذا الوطن الملهم الذي يستحق المجد. وقد تفوق صنّاع هذا الأوبريت/ الملحمة على أنفسهم، فقدموا عملاً فنياً رائعاً يعكس حجم النبوغ والتفوق والإبداع الذي يتميز به الإنسان الأحسائي الجميل. وقد حمل هذا الأوبريت الوطني المتقن، لمسات وتجارب وخبرات أسرة النادي الأدبي في الأحساء، حيث أشرف عليه وبشكل مباشر رئيس النادي الدكتور الملهم ظافر الشهري، كما استطاع أيقونة المسرح السعودي الدكتور سامي الجمعان أن ينسج بذكاء وحرفية سيناريو وحوار الأوبريت، كما استطاع الشاعران الأحسائيان الرائعان محمد الجلواح وعبدالله الخضير أن يرسما لوحات شعرية وطنية باذخة تغنت بيوم الوطن، وبلمسة مخملية مذهلة استطاعت مخرجة الأوبريت إيمان الطويل أن تصنع تحفة مسرحية لافتة.
كما تضمنت روزنامة المهرجان ندوة «المملكة ودورها في حماية الأمن الإقليمي» بمشاركة نخبة من المحللين والخبراء الخليجيين، وكذلك ندوة «العمل الإنساني السعودي.. حقائق وأرقام»، قدمها الدكتور عبدالله الربيعة المستشار في الديوان الملكي والمشرف العام على مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، كما أقيمت ندوة «المملكة من ملحمة التوحيد إلى نيوم»، قدمها كوكبة من رموز الوطن وهم الخبير الاقتصادي الدكتور محمد القحطاني والدكتورة الجامعية أماني البحر والمحامي خليل الذيابي والأديبة الملهمة الدكتورة منى المالكي.
لقد استطاع نادي الأحساء الأدبي منذ انطلاقته في العام 2007، أن يكون المظلة الثقافية والاجتماعية والوطنية التي تضم كل الأطياف والألوان، وأن يكون المنصة الجامعة لكل المجتمع الأحسائي.
شكراً من الأعماق لنادي الأحساء الأدبي بقيادة عرّابه الكبير الدكتور ظافر الشهري، وشكراً لجمعية «إعلاميون» التي صنعت فارقاً إعلامياً يستحق الإعجاب، والشكر الكبير للمجتمع الأحسائي الذي يُجسد المعنى الحقيقي للتسامح.