الصوم في كلماتهم
في كل سنة يطل علينا هذا الشهر الكريم فيجود بكرمه في أن نكتب ولو نزر يسير من الكلمات في فضله وذكرياته.
وفي كل مرة نكتب فيها عنه نتصدر الموضوع بروايات عن الرسول الأعظم وآله الطاهرين تيمنا وتبركا، فمن كلمات رسول الله «صلوات الله عليه» في شهر رمضان وفضل صومه، قوله «أيها الناس أنه قد أظلكم شهر فيه ليلة خير من ألف شهر وهو شهر رمضان فرض الله صيامه وجعل قيام ليلة فيه بتطوع صلاة كتطوع صلاة سبعين ليلة فيما سواه من الشهور» «1».
ومن كلمات أمير المؤمنين ، قوله «عليكم في شهر رمضان بكثرة الاستغفار والدعاء فأمّا الدعاء فيدفع به عنكم البلاء وأما الاستغفار فيمحي ذنوبكم» «2».
ومن كلمات الإمام الكاظم في فضل تفطير الصائم قوله «فطرك أخاك الصائم أفضل من صيامك» «3».
ومن كلام للإمام الحسين في شأن شهر رمضان لما سُئل عنه «لِمَ يفرض الله عز وجل على عبده الصوم؟ فقال : ليجد الغني مس الجوع فيعود على المسكين» «4».
ونستمر في سرد الكلمات التي قيلت في شهر رمضان في آدابه وفضله وفضل صومه وفضل الصائم، فهذا هو الإمام السجاد يقول في بيان حق الصوم «وأما حق الصوم فأن تعلم أنه حجاب ضربه الله على لسانك وسمعك وبصرك وفرجك وبطنك ليسترك به من النار» «5».
وكما أن للائمة الأطهار كلمات مضيئة في فضل شهر رمضان فكذلك للعلماء والخطباء من العبارات والحكم ماتستنير به الروح ونرتقي به العقول فنقف عند سماحة آية الله العظمى السيد محمود الهاشمي الشاهرودي ليقول لنا «أن فريضة الصيام فيها تحرير للإرادة الإنسان وتوطيد عزمه وفيها تصعيد شخصيته إلى مستواها الجهادي، يتحمل الصعاب والمشكلات صابرا محتسبا متمالكا أمام ضرورات الجسد وإغراء الشهوات وإلحاح الأهواء» «6».
وفي جانب آخر يقول الخطيب القدير سماحة الشيخ حسن الصفار «أن الحكمة الأساسية من فريضة الصوم - تقوية الإرادة - ولكن المشكلة أن كثيرا من الصائمين يغفلون عن هذا الهدف العظيم ويمارسون الصوم كعادة سنوية دون أن يحاولوا التنبه إلى غاية الصوم المهمة، وهؤلاء في الحقيقة لا يستفيدون أبدا من صيامهم إلا الفائدة الصحية» «7».
وننقل كلام الطبيب الأمريكي «روبرت بارتول» حيث يقول «لا شك أن في الصيام من الوسائل الفعالة في التخلص من الميكروبات ومن بينها ميكروب الزهري، لما يتضمنه من إتلاف الخلايا ثم إعادة بنائها من جديد وتلك نظرية التجويع في علاج الزهري» «8»
وكذلك يقول الأطباء في فائدة الصوم «أن الصوم يقضي على البؤر الصديدية التي تكون داخل الجسم وتصب إفرازاتها السامة في الدم غير أن الإنسان لا يشعر بها حتى يتضاعف خطرها، وفي الصوم عندما تقل المواد الغذائية في الجسم وتدب الأجهزة الداخلية في الاستهلاك فتحتوي تلك الخلايا وتريح الإنسان من خطرها» «9».
وعودا على ذي بدأ يقول الحسن البصري في فضل الصوم عند الله تعالى «إن الله جعل الصوم مضمارا لعباده ليستبقوا إلى طاعته» «10»
وهنا نخرج من أقوال الأفراد إلى الأمثال وأقوال بعض الشعوب في الصيام وشهر رمضان المبارك فعند الشعب اللبناني مثلا يقول «الصحة في الصوم» ومثل آخر يقول «الصوم عن الخبث لا الصوم عن الخبز» «11».
ومثل ورد في كتاب «الأمثال الشعبية في قلب الجزيرة العربية في ج ص 205» «12» يقول «رمضان عذر البخيل» ويضرب هذا المثل للبخيل الذي يحاول أن يتذرع بأي سبب للتهرب من إكرام الضيف فهو يجد في شهر رمضان مبررا كبيرا فلا يقدم لضيوفه شيئا.
وأخيرا مثل لإخواننا المصريين يقول «صامت يوم واتمخطرت للعيد» يعني كأنما المثل يقول صامت يوم فقط واستعدت للعيد.
وأخيرا وليس بآخر نذكر بفضل أيام شهر رمضان وتاريخه على عزة العرب والمسلمين وأمجادهم وإنه كما له فضل في معنوياته له فضل على الأرض في تاريخهم من انتصارهم في غزوة بدر الكبرى وفتح مكة والمؤاخاة بينهم في صدر الإسلام وكذلك انتصارهم في حربهم ضد عدوهم عام 1973م في القرن العشرين.
نسأل المولى الكريم بحق هذا الشهر الفضيل أن يجمع شمل المسلمين ويوحد كلمتهم ضد من يريد السوء بهم وأن يصلح حال الأمة ويفرج عن الشعوب المسلمة في شتى أقطار العالم وأن يصوموا هذا الشهر وهم في كامل أمنهم وأمانهم وأن تنتهي هذه الشقاقات والأزمات السياسية في عالمنا العربي والاسلامي.