الأنانية وحب الذات من افتك الأسلحة المدمرة للأسنان
الأنانية وحب الذات مرض من الأمراض التي تُصيب الروح الإنسانية فحب الأنا اتت من حب الذات وحب الظهور ويعتقد الانسان المبتلى بالمرض أنه لا يوجد إنسان مثله او كشخصيته وهي صفة تمثل بها الشيطان عندما قال في الأية الكريمة «أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين» الأنانية عادة سيئة ومن العادات التي تمقت صاحبها.
كم هو مؤلم هذا الأمر ان ترى اشخاص بهذا المستوى من التفكير ويحملون هذا الداء الذي ينتهي بهم الى مرض مزمن لا يستطيعون بعدها التخلص من عقدة التعالي والكبرياء التي ترميهم في دوامة الإنفاق المفرط والمستبد من لجشع والتفاخر.
فإن الغرور والأنانية والاعتزاز بالذات وتمجيدها وإقصاء الآخرين من تفكيرك واهتمامك، أحد الأسباب والعناصر التي تدفع بصاحبها إلى طريق الانحراف والتقوقع في متطلبات الذات ورغباتها بدون ربطها بمحيط من حوله.
ويشكل الغرور والأنانية والفخر والاعتداد بالنفس، أفتك الأسلحة التي تدمر وتخرب الذات البشرية وتعرقلها على الإنجاز والتميز. الغرور مصدره العقل وغالبا ما يستعمل لإخفاء اخفاقات نفسية واجتماعية، وهو قناع لإثبات الذات وشعور غير واقعي بالتفوق على الغير وغالبا ما يكون هذا التفوق مبنيا على أمور ثانوية خارجة عن الإنجازات المؤثرة في المجتمع «أنا فعلت كذا. اشتريت كذا. امتلكت كذا. انا من العائلة الفلانية» وهذه التعابير والسلوكيات هي استخفاف ومزايدة على إنجازات الآخرين الذين يشكلون له هاجس وخوف من مكانتهم الاجتماعية والمادية والعلمية. غير ذلك فهم يحضون بمكانة أفضل في وسط المجتمع باحترام الناس لهم لتواضعهم وجميل افعالهم وحسن خلقهم.
إذا لم يستطع الإنسان التحكم في نظام الأنا والسيطرة على أبعادها ومراميها، فإن التعالي والعجرفة والثقة الزائفة والمبالغ فيها في الذات، كلها عوامل ومؤثرات تدفع بمعتنقها إلى الهاوية والطريق المسدود وخيبة الآمال في تحقيق الإنجازات والمكتسبات المادية والاجتماعية والعلمية فتؤثر على عطائه ومكانته الاسرية والاجتماعية فتعود عليه وعلى عائلته.
الأنانية لا تستقر على حال ولا ترضا بالموجود، فهي دائما ترغب في المزيد وفي الأحسن، فرغباتها غير محدودة وغير واقعية.
فإذا ما أنصتنا كثيرا لذواتنا واتبعنا ما تمليه علينا الأنا التي لا ترضا ولا تقنع بالإمكانات الذاتية والموضوعية، بل دائما راغبة في المراهنة على المجهول وعلى الرغبات التعجيزية في النظرة الجدية للمستقبل فهي دائماً تدفعنا إلى قبول التحديات والرهانات الخاسرة والواهية والزائفة، التي لا يمكن تحويلها على ارض الواقع.
قال الله تعالى: ﴿وَلَا تُصَعِّرْ خَدَّكَ لِلنَّاسِ وَلَا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحًا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ مُخْتَالٍ فَخُورٍ﴾سورة لقمان اية 18
التفكير دائما في أن نكون الأحسن والأفضل على الجميع، وأن آراءنا واختياراتنا واقوالنا هي الصائبة والصحيحة، هو منطق خاطئ وتحليل غير واقعي وبعيد عن الحكمة والاتزان.
إن لأنانية وحب الذات يولد الحسد والحسد يولد البغضاء والبغضاء تولد الاختلاف والاختلاف يولد الفرقة والفرقة تولد الضعف والضعف يولد الذل والذل يولد زوال النعمة.
قال الصادق : "من التواضع ان ترضى بالمجلس دون المجلس، وأن تسلّم على من تلقى. وأن تترك المراء وإن كنت محقاً، ولا تحب أن تحمد على التقوى.
الغرور والكبرياء والتعالي والأنا موجودة في نفوس البعض وإن زادت جرعتها تحولت إلى آفة فيجب التخلص منها. يقول طاغور الفيلسوف الهندي في السمو
التواضع رفعة. قول طاغور: «ندنو من العظمة بقدر ما ندنو من التواضع»
اطلب دائماً العلو، السمو. والعلو شيء والتعالي شيء آخر. الأول حقيقة والآخر خيال. وما أجمل العلو إذا صاحبه التواضع.
علاج هذه الآفة.
كلما شعرنا بعظمة قدرتنا يجب أن نتذكر قدرات الآخرين التي تفوق وتتميز عن قدراتنا، وبعيدا عن كل ذلك نتذكر قدرة وعظمة الله سبحانه وتعالى.
أن يجعل همه إذا رأى خلق الله ينظر إليهم على أنهم عباد مؤمنون وأن لهم خيراً وفضلاً مستوراً، وقد يكونون عند الله خيراً منه وقد يكونون عند الميزان أثقل منه وأرجح، فينظر إلى كبيرهم على أنه أكثر منه عملاً وأقدم سابقة في خدمة الناس، وينظر إلى صغيرهم على أنه أقل منه ذنباً وأنه قد عوفي من كثير مما وقع فيه من البلاء،
وهناك كتب للدكتور صالح الراشد حول قوة الجدب يتحدث فيها عمن يبتلى بهذا الهوس وحب الذات يقول:
التوقف من الاستياء والتضايق من الاخرين. متابعة إنجازاتهم ونجاحاتهم بروح المحبة والسلام والود توقف عن الحسد والبغضاء بسبب ملاحظة او كلمة او موقف. فإن فكرت في أمور كهذه فأنت لا زلت ضعيفاً وتقبع في مستنقع البساطة في التفكير المحدود. تخلص من عقدة أن تكون الأفضل وعلى الحق طوال الوقت. وتعلم كيف تقف ولاتجادل الاخرين في أمور عقيمة تعتقد انها واقع وحقيقة.
تخلص من عقدة السمعة والرغبة في امتلاك الأكثر في السيط والسمعة ولا تكن مهووساً بالألقاب وغيرها وفي الطلب الأكثر ولا تعرف بنفسك على أساس إنجازاتك. وتعلم أن تؤمن بأنك لست إنجازاتك.
بل أنت أكثر من إنجازاتك وانت صنع الله الذي اتقن كل شيء خلقه.