الإمام علي (ع).. شيء مما قال وقيل فيه
ربما يتراءى للبعض عندما يريد التحدث أو الكتابة عن الإمام علي أن الأمر يبدو سهلاً ويسيراً بحكم توفر المراجع والمصادر بكثرة في الإمام وسيرته ولكن الأمر ليس بهذه البساطة، فتعدد الجوانب في شخصيته ، حكمه، شجاعته، خلافته، بلاغته.. تجعلك في حيرة من أمرك.
فلذلك تحاول في كل مرة أن تأخذ جانب من هذه الجوانب على حدة وفي الحقيقة لم نكتب في هذه الشخصية الفذة العملاقة سوى مرة واحدة وهو بحث مطول، وهذه المرة الثانية وسأركز فيها على شيء يسير من حكمه وبعض الأقوال فيه.
ولنبدأ ببعض حكمه والتي أولها: -
1 - فقد الأحبة غربة «1» وهي من أروع حكمه وإن كان كل كلامه رائعاً ففقد الأحبة غربة في الدنيا فلا يملأ عليك الدنيا إلا أحبابك ومحبيك فمن دونهم تعيش في الدنيا الغربة الحقيقية.
2 - لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق «2» وهذا أيضاً من جميل قوله فلا يمكن أن أطيع أي مخلوق مهما كان وإن كانت طاعته واجبة أو مستحبة مثل الوالدين مثلاً إذا أمراني بأمر فيه معصية للحي القيوم.
3 - ومن لطيف قوله «لكل ذي رمق قوت» «3» وهو مصداق لقوله تعالى «وما من دابة في الأرض إلا على الله رزقها» «4».
4 - من ضيّع الأمانة ورضي بالخيانة فقد تبرأ من الديانة «5»، وهذا من أقواله الشاملة والجامعة التي تبين أهمية الأمانة ورفض الخيانة وأن تضييعها أي الأمانة يصل بالإنسان إلى حد البراءة من الدين.
5 - إذا أحب الله عبداً ألهمه حسن العبادة «6»، قولاً من أبلغ مقولاته وحكمه فإذا أراد المولى الكريم بعبد خيراً وجهه إلى غاية وجوده بل أجوده وأحسنه وهو حُسن العبادة «وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون» «7».
بهذه الحكم وبشجاعته وبشخصيته التكاملية أعطاه الله تعالى ما لم يعطِ أحد غيره من الفضل والسيادة حتى قال فيه الكثير من الشخصيات أقوال يستحقها بكل استحقاق وجدارة، فهذا عمر بن الخطاب يقول «لولا علي لهلك عمر» «8».
وهذا أبو بكر أيضاً يقول في حقه سمعت النبي يقول «لا يجوز أحد الصراط إلا مَن كتب له علي على الجواز» «9».
ويعترف له ألد أعداءه بالفضل حيث يقول معاوية بن أبي سفيان «ذهب الفقه والعلم بموت علي» «10».
وقد شهد بفضله المتقدمين والمتأخرين ومنهم ميخائيل نعيمة في قوله «إن علياً لمن عمالقة الفكر والروح والبيان في كل زمان ومكان» «11».
ويتحدث عنه جبران خليل جبران قائلاً «مات الإمام علي شأن جميع الأنبياء الباصرين الذين يأتون إلى بلد ليس بلدهم وإلى قوم ليس بقومهم في زمان ليس بزمانهم» «12».
وأخيراً يقول الشاعر المسيحي خليل فرحات: -
لأجلك واكبت الحضارة شاعراً... وأنزلت أحمال البداوة عن ظهري
كأني على الدنيا لأنك ملهمي... أجر ذيول الفخر كالمارد النمر «13».
نقف هنا لنقول مهما سطرنا من حكم ومن معاني ومن حروف ومن أقوال في شخص الإمام علي فإنها لن تنفد ولن تنتهي لأننا أمام رجل لا ساحل له فهو بحر متلاطم ولكن يقال ما لا يدرك كله لا يترك جله فأحببنا أن نشارك بهذه السطور القليلة ولو من باب التبرك بالمشاركة في الذكرى العطرة الخالدة لهذه الشخصية العملاقة المباركة.