نصرة المظلوم ودور الاعلام

بسم الله الرحمن الرحيم

قال تعالى: «قَالُوا يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا ۖ وَلَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ» هود «91»

تتكرر مأساة الشعوب المظلومة وتكميم الأفواه من قبل الظالمين إلى يومنا هذا الذي نعيش فيه عصر العولمة والانفتاح الإعلامي بكل أدواته.

وللأسف أن منطق القوة هو المسيطر على نفوس الظالمين، فيظنون أن بقوتهم سوف يسحقون كل مخالف لهم، نعم لعل ذلك يتاح لهم ولكن يبقى الفكر وتبقى المبادئ المحقة لا يستطيعون سحقها ولا دفنها.

ويبقى خيار الشعوب في ظل هذا الظلم هو التمسك بعصا الإعلام القوي الذي يخاف منه كل ظالم، ومساندة المظلوم بكل أدوات الإعلام المتاحة لهم، ولعلكم تجدون هذه الإشارة واضحة في الآيات الكريمة أعلاه: «لَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ» هذا هو المنطق الذي يتجرعه الظالمون بغصة في حلوقهم، فليس في قاموسهم أي تنازل أو قبول الرأي الأخر إلا أنهم يعرفون هذه المعادلة جيداً، فهم يخافون على عروشهم ومكانتهم أمام الرأي العام، ونحن ينبغي علينا في مناصرة المظلومين أن نعي هذا الدور للإعلام ومساندة المظلوم، فكم هي المصائب التي حلت بالشعوب المظلومة لأنه لا يوجد لديهم من يوصل صوتهم للملأ.

وأتذكر هنا قبل قرابة نصف قرن حينما ذهب وفد من الشيعة الموالين لأهل البيت لأحد السلاطين يطالبون ببعض حقوقهم... قال لهم ذلك السلطان لولا وجود الأمم المتحدة لأحرقناكم جميعاً!!!، فهم يخافون من دور وسائل الإعلام في فضحهم.

وأنا هنا لا أستثني أحداً من الظلمة ممن يقومون بهذا الدور في الظلم بحق شعوبهم، فكل فرد من أفراد المجتمع جعل الله له الحق في إبداء رأيه ضمن الحدود الشرعية والإنسانية التي تكفلت له تعاليم السماء من حرية فكر وإبداء رأيه، سواء على مستوى إنشاء مؤسسات أو فضائيات ومراكز دينية تخدم المجتمع والدين.

ولا يحق أبدا لأي كان أن يقف في وجهه ويكبله ويكممه مادام هو في حدود حريته المشروعة، والواجب الأخر لهذه الشعوب مناصرة المظلوم ومساندته في محنته بما يتاح له من وسائل إعلام توصل صوته للظالم وللعالم لكي يرتدع الظالم.

فكم من قضية في العالم تغافل عنها الظالم لأن الإعلام وقف في وجهه ليس لأن قضية المظلوم في نظر الظالم محقة ولكن خوفا على ملكه وسلطته وكرسيه ووقوف الأقوياء ضده، فلو تواصل الإعلام القوي في رفع مظلومية المعتقلين ظلما مثلا لما بقي أحد مظلوم في سجون الظالمين، ولما استطاعت السلطات أن تكمم أفواه أصحاب الرأي المحق وتغلق مؤسساتهم، كل ذلك في ظل احترام رأي الأخر بموازين الشرع والإنسانية، وعلينا أن نضع نصب أعيننا الآية الكريمة: «لَوْلَا رَهْطُكَ لَرَجَمْنَاكَ ۖ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ».

طالب علم