حشرات خطرة تعيش في مياه الأمطار المتجمعة

 

 

تعد المياه الراكدة (الناتجة عن هطول الأمطار، أو تلك النابعة عن فيضان المجاري العامة وتجمعها في أماكن سكنية) أحد المخاطر البيئية الحقيقية.

وبشكل عام، يحدث ركود وتجمع المياه (أي كان مصدرها) على المسطحات عندما تتوقف المياه عن الجريان الى الممرات المخصصة لها أو حينما لا تتمكن التربة من إمتصاصها وتصريفها بشكل طبيعي.

إن تجمع مياه الأمطار على المسطحات الأرضية والتربة الزراعية- خصوصًا في مثل هذه الأيام- هو أحد العوامل الرئيسة التي يجب أن تأخذ بعين الإعتبار كسبب للكثير من الأمراض الميكروبية والتي يُصنف بعضها تحت عنوان "المهدد للصحة العامة".

بل وتوصف المياه الراكدة بأنها البيئة المناسبة والمفضلة لعدد كبير من الحشرات الممرضة، والتي من ضمنها: يرقات البعوض، ويرقات الذباب، واليعسوب في الطور الانتقالي، وعقرب المياه (نوع من أنواع الحشرات).

وليس خافي على الجميع رؤية بعض أنواع الحشرات الطائرة في مثل هذه الأيام والتي تشبه في شكلها النحل وغيرها من حشرات يطلق عليها- بشكل عام- عبارة: "بعوض" (أي كان نوعها وخطرها!).

بل ويُعد مرض الملاريا (والذي تنقله بعوضة الأنوفليس)، إضافة لمرض حمى الضنك من أكبر أخطار المياه الراكدة، خصوصًا إذا ما أصبحت تلك المياه مرتعًا ملحوظًا للحشرات وبالخصوص البعوض بأنواعه المختلفة (كما يلاحظ في مثل هذه الأيام).

وعادة ما توجد في المياه الراكدة مختلف أنواع البكتيريا اللاهوائية مثل: البكتريا نازعة النتروجين، والبكتيريا الأرجوانية، والبريمية. وقد تشكل كل من هذه المجموعات البكتيرية خطرًا حقيقًا على البيئة ومن يعيش في كنفها من بشر.

ولتوضيح الأمر، نقول: إن بعض الميكروبات المجهرية تعتمد في ضمان انتقالها من شخص مريض إلى شخص سليم، على عناصر حية تُسهم في إتمام عملية الانتقال تسمى "ناقلات الميكروبات الحية"، مثل البعوض أو بعض الحشرات (والتي أشرنا لها أعلاه)، حيث تستخدم "ناقلات الميكروبات الحية" وسائل كالقرص أو العض أو اللدغ أو اللسع، في تسهيل إدخال الميكروبات العالقة على سطحها أو في افرازات جهازها الهضمي للجسم البشري.

ويجدر بنا أن نقول أيضًا، أنه في بعض أنواع الميكروبات، تكون "ناقلات الميكروبات الحية" مهمة في إتمام عملية الانتقال فقط. بينما في أنواع أخرى من الميكروبات، تقوم "ناقلات الميكروبات الحية" بمهمة احتضان تلك الميكروبات، وتمكينها من النمو والتكاثر والنضج، قبل الدخول إلى جسم الإنسان. وهذا ما يحصل في الملاريا وبعوضة "الأنوفليس" (المُشار لها أعلاه).

اخيرًا وليس اخر، أقول (كمتخصص في علوم مجهرية): بأنه قد أصبح واضح للعيان غياب البنية التحتية الفاعلة في تصريف المياه بطريقة صحية (وهو ما يسمى بالصرف الصحي)، وغياب برامج حراثة الأراضي الزراعية بطريقة منظمة ومدروسة (وهما وبلا شك سببان لحدوث امرض ميكروبية قد تكون خطيرة).
فإن كنت لا تدري (يا من بيده القرار) فتلك مصيبة وإن كنت تدري فالمصيبة أعظم!

استشاري وباحث في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية (بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه، عالم اكلينيكي، وعضو في جمعيات ومؤسسات علمية عالمية تخصصية مختلفة في مجال تخصصه الدقيق).
له الكثير من النشرات العلمية والمؤلفات التخصصية، وله اكتشافات في المجال البحثي الذي يعمل فيه.
صرف جزءاً كبيراً من حياته في الخارج، وهو ومتابع للشأن الثقافي العام على المستوى المحلي والدولي، ويسعى دائمًا للمشاركة مع بقية الكفاءات المحلية والدولية (وبما هو متوفر من إمكانات) لبناء مستقبل مشرق في الجانب الصحي وفي الجوانب العلمية والثقافية الأخرى ذوات الصلة بواقع وهموم المجتمع، سواءً على مستوى تطوير شريحة الشباب من أبناء الوطن أو حتى بالمساهمة في استثمار تجاربه الخاصة في البحث عن حلول مساندة في تطوير عملية التنمية الاستراتيجية.
facebook: Mohammed M. Al-Mahrous
twitter: @m_almahrous