حقيقة انتقال فيروس كورونا عن طريق التمور

 

 

قبل فترة زمنية- ليست بالبعيدة- وصلتني تساؤلات من قبل بعض الأخوة العاملين في الإعلام، بخصوص حقيقة علاقة التمور بفيروس الكورونا؟

واليوم يُعاد نفس التساؤل من قبل بعض الأخوة في بعض المنتديات العلمية والثقافية!

بشكل عام ومبدئي- وحتى تعم الفائدة-، نستطيع أن نقول بأنه لا يوجد ما يؤكد صحة ما يُقال حول انتقال فيروس الكورونا عن طريق التمور، وهو أمر مُبالغ فيه وغير مُستند على حقائق علمية ودراسات مُحكمة.

  • فهل إلغاء العلاقة بين فيروس الكورونا والتمور أمر صحيح؟

النقاط التالية تقدم إجابة تفصيلية للتساؤل المذكور:-

أولاً: لا يوجد حتى الآن (وبشكل عام) ما يؤكد ماهية المصدر الحقيقي لفيروس الكورونا الجديد المنتشر في الشرق الأوسط.

ثانياً: (وكما كنا نؤكد سابقًا)، فإن المسح الدقيق والعلمي للحيوانات في المناطق التي ينتشر فيها المرض هو الأساس الذي يُعتمد عليه في تحديد طبيعة المصدر للفيروس وطريقة وميكانيكية انتقال المرض.

ثالثاً: إن تشابه الشفرات الجينية للفيروسات الكورونية الذي تُصيب الخفافيش-على اختلاف سُلالاتها الجينية- مع فيروس الكورونا الشرق أوسطي (MERSnCoV)- والذي يُصيب الأنسان- لا يعني أبدًا تأكيد أن الخفافيش هي المصدر، بل أن تواجدها يُثير الشكوك العلمية والتي تحتاج لتوسيع دائرة الدراسات حول هذا الموضوع (علمًا بأن بعض الدراسات أشارت لاحتمالية أن يكون الخفاش مصدرًا للمرض وأخرى تحدثت عن وجوده في الأبل).

رابعاً: أن فيروس الكورونا هو فيروس يُصيب الحيوانات الثدية والطيور والأنسان ولا يُصيب النباتات، وفي حال انتقل لبعض الفواكه- عن طريق بعض مخلفات الحيوانات- فإنه لن يستطيع أن يعيش عليها بسبب غياب العائل الحقيقي المسؤول عن تكاثره وهو الخلايا الحيوانية المُستهدفة (وهذا الأمر يتفهمه المُتخصصين في مجال علوم الفيروسات).

خامساً: في حال كانت هناك بقايا حيوانية (من أي مصدر حيواني مشتبه به) على فواكه ورطب الأشجار التي يعيش عليها الحيوان المصاب (وهنا نفترض- جدلًا- أن هناك فعلًا حيوان مُصاب يعيش على تلك الأشجار) فإن هذا يكفيه الغسيل الجيد (مع ضرورة تعريف ماهية الغسيل الجيد!) لإزالة أي تلوث خارجي متراكم على اسطح تلك الفواكه، وهو أمر طبيعي (لا يحتاج لتضخيم إعلامي) لأن غسل الفواكه قبل أكلها أمر تنص عليه البنود الصحية بشكل عام ودون أن يكون هناك ما يسمى بفيروس الكورونا (وغير ذلك سيعني- أيضًا- احتمالية التعرض لبعض أنواع الميكروبات المجهرية الممرضة للإنسان).

سادساً: إذا كان هناك ما يؤكد أن الخفافيش تعيش على أشجار النخيل، فإن هذا سيكون مرتبط بالرطب المقطوف بشكل مُباشر وليس بالتمور المكنوزة، وهو تحليل علمي نظري (ما لم يتم إثبات غير ذلك عن طريق البحوث العلمية)، بل أن الرطب المقطوف بشكل مباشر يُغسل من قبل الكثير من الناس وبغض النظر عن وجود أي إنشار لأي مرض.

سابعاً: يمكن لفيروسات الكورونا أن تحتفظ بقدرتها الإمراضية خارج جسم الأنسان وفي أفضل الظروف (كما أشار لذلك مركز مكافحة ووقاية الأمراض) لمدة ثلاث ساعات على الأسطح الجافة ولمدة ستة أيام في الأماكن الرطبة (أي البيئة التي تحتوي على سوائل، شريطة أن تكون غير ضارة بحياة وتكاثر الفيروس)، وعليه فإن التمور المكنوزة والمخزنة (مع وضع افتراض جدلي- مرة أخرى- بأنها ملوثة بالفيروس) ستكون أمنة.

ثامناً: أن الحفظ بزيادة التركيز السكري أو الملحي هو أمر مثبت علميًا، وأن التمور المكنوزة تميل لحد كبير للمواد الغذائية الأمنة صحيًا، نظرًا لزيادة تركيز السكر بها ووجود مواد أخرى لا يسعى المجال للحديث عنها بشكل موسع في هذه الومضة التوضيحية.

تاسعاً: إن الانسياق مع الشائعات والأخبار غير الموثقة أمر مقلق، حيث يُفترض أن تأخذ الأخبار من الجهات العلمية القادرة على تحليل ما يتم تداوله بطريقة محكمة، مثل المنظمات الصحية المعترف بها عالميًا.

وعليه، فإن ما يتم تناقله عن موضوع التمور وانتقال فيروس الكورونا هو أمر مستبعد وبالاعتماد على المعطيات المذكورة في التفصيل أعلاه.

استشاري وباحث في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية
استشاري وباحث في علوم الميكروبات الإكلينيكية وهندستها الجينية (بكالوريوس، ماجستير، دكتوراه، عالم اكلينيكي، وعضو في جمعيات ومؤسسات علمية عالمية تخصصية مختلفة في مجال تخصصه الدقيق).
له الكثير من النشرات العلمية والمؤلفات التخصصية، وله اكتشافات في المجال البحثي الذي يعمل فيه.
صرف جزءاً كبيراً من حياته في الخارج، وهو ومتابع للشأن الثقافي العام على المستوى المحلي والدولي، ويسعى دائمًا للمشاركة مع بقية الكفاءات المحلية والدولية (وبما هو متوفر من إمكانات) لبناء مستقبل مشرق في الجانب الصحي وفي الجوانب العلمية والثقافية الأخرى ذوات الصلة بواقع وهموم المجتمع، سواءً على مستوى تطوير شريحة الشباب من أبناء الوطن أو حتى بالمساهمة في استثمار تجاربه الخاصة في البحث عن حلول مساندة في تطوير عملية التنمية الاستراتيجية.
facebook: Mohammed M. Al-Mahrous
twitter: @m_almahrous