الصامتون في زمن الريب والبدع !

 

 

 

في كل "صراع فكري" يخرج المؤيدون والمدافعون عن هذه الفكرة أو تلك، و يختلف مستوى الدفاع وتبيانه من شخص لآخر، بحسب ما يملكه من براهين تدعم ما يؤمن به من فكر،  ويتجلى هذا الدفاع بما يؤمن به الفرد بأنه حقٌ.

ففي مجتمعنا المتدين يبرز الصراع بين الحق والباطل في أي مناسبة يحاول فيها الباطل وأهله التعرض لما يراه أهل الحق حقاً، وخصوصاً إذا إرتبط هذا الحق بما يؤمن به أفراد المجتمع من عقائد ورثوها من معين أهل البيت .

فما مر به المجتمع  وما يزال من أجواء يحاول فيه أهل الباطل التسلل والتسلق باسم الدين لتغييب الحقائق و تحريف الحق وجعله متعدد ليصلوا بذلك لمآربهم و أهدافهم، سواء كانت سياسية أو اجتماعية .

ولكن في هذا الصراع تتواجد كذلك فئة "الصامتون" التي اتخذت الصمت أو الحياد أحياناً ملجأ لها و منفذاً لتجاوز ما أسموه بــ "الفتنة".

فصحيح إن الصمت من الحكمة، ولكنه إذا كان في غير موضعه ومقامه وفي غير ظرفه، فهو خيانة وخذلان للحق وأهله.

وسمعت جُلّهم أيضاً يتمثلون بقول أمير المؤمنين الإمام علي - : ﴿كُنْ فِي الْفِتْنَةِ كَابْنِ اللَّبُونِ. لاَ ظَهْرٌ فَيُرْكَبَ، وَلاَ ضَرْعٌ فَيُحْلَبَ.

وهم بامتثالهم بهذه الرواية وضعوا أنفسهم في الجانب الخطأ من فهم هذه الرواية، فأمير المؤمنين - لا يُريد هذا المعنى: (كُن في الفتنة العقائدية كابن اللبون)؛ أي كن إنسانا ليس لك شغل بالعقائد، وابتعد عن تبيانها وفضح المخالفين والمشككين والمتربصين بها ! .. فهذا ليس بصحيح، بل كن في الفتنة العقائدية صاحب رأي وصاحب قول يبين للناس مدى ضلال هذا الفكر ! ،، فهذا الصراع ليس من الفتنة التي حذر منها الإمام    في قوله ، ففي هذا الصراع يوجد معيار وشاخص حق ، وهو روايات وأحاديث أهل البيت -  - ، فيجب على الإنسان المؤمن أن يتمسك بالحق ويدافع عنه،  بل ويشهر كل ما يملك من أسلحة ممكنة تؤيد هذا الحق وتُعلي من شأنه وتخذل وتبطل الباطل وأهله ، فمثل هذا السكوت والحياد هو خذلان للحق كما قال الإمام علي  " أولئك قوم خذلوا الحق ولم ينصروا الباطل " ،  فالتقاعس عن تأييد الحق وتبيانه هو خذلان له ولأهله ومناصرة للباطل وأهله.

ومن جهة أخرى ، ينبغي على الصامتين أو المحايدين من أهل الفكر والتقوى في هذا الصراع أن لا يسمحوا لأهل الباطل إستغلال صمتهم و حيادهم هذا عطفاً على استقبالهم لأهل الباطل وفتح مجالسهم لهم لبث أفكارهم، فهم بهذا السكوت والحياد ثم بهذا الفعل خذلوا الحق وأهله،  فأهل الباطل يستغلون هذه الأسماء وهذه الشخصيات ذات العلم والتقوى في تمرير مشاريعهم وتبرير أفعالهم ، فهؤلاء سمحوا لأهل الباطل بركوب ظهورهم وتمرير وتسويق مشاريعهم من خلالهم ومن خلال مجالسهم.

فأنت أيها المحايد من أهل العلم والتقوى ومن لك مركز وشأن واحترام اجتماعي، لديك قوة في ظهرك، فأجعله جسراً لأهل الحق والتقوى وليس جسراً لأهل الباطل ، فبيانك وقلمك ينبغي أن يكون عوناً للحق وأهله. فالمجتمع اليوم في أمسِّ الحاجة إلى كلمة من أهل الحق تبصره بحقيقة وضعه، وبخيانة أهل الباطل ومكرهم ، وترشده إلى الطريق القويم حتى يسترد عزّه ومجده، من خلال محمد وآل محمد عليهم الصلاة والسلام .