لويس و رضا
نشر في أحدى الصحف المحليه خبرا عن شاب بريطاني أسمه ( لويس) يبلغ من 23 عاماً تعرض لحادث مروع بعد أن دهسته شاحنه يبلغ وزنها 15 طن مما سبب له أصابات خطيره متفرقه بين كسور مضاعفه في أنحاء الجسم والراس و أنسلاخات في الجلد و سحق في الامعاء و فقد كميات كبيره من الدم.
قضى لويس 16 يوماَ في غيبوبه تامه توقع الاطباء أن لا يصحوا من الغيبوبه الا بشلل نصفى و خلل في الدماغ و لكن بعد خمسة أشهر من العمليات الجراحيه المعقدة و جلسات مكثفه من العلاج الطبيعي تحت إشراف طاقم طبي مكون ستة اطباء و ثمانيه عشر فردا من الممرضين و ثلاثة مساعدين طبيين وأثنين من المختصين في العلاج الطبيعي و خمسة من الاختصاصين كل هذا الجيش من أجل لويس الذي أعلن عن وفاته مرتين خلال 16 يوم الاولى للحادث.
مع هذه المأساة لم ييأس الطاقم الطبي من الامل و لم يضيع أي وقت في المحاوله لإنقاد لويس و مع هذا المجهود الجبار بدء لويس بالتعافي و أستعادة وظائف جسمه الحيويه و الحركيه.
و عبر والد لويس انه غير قادر على التعبير عن بالغ سعادته في تماثل ابنه للشفاء و عن تقديره للمجهود الجبار الدي بدله الفريق الطبي في مساعدة ابنه للعوده بشكل طبيعي.
على صعيد أخر نشرت الصحف المحلية خبر لطفل أسمه ( رضا ) عمره يوم واحد فقط حيث أن رضا ولد بشكل طبيعي و كانت الفرحة تملىء أرجاء الغرفة و والداه و أهله يتناقلونه بين الايادي و الامال و السعادة تملى تلك الغرفة الصغير في ذلك المستشفى الخاص.
في اليوم التالي بدءت أعراض التعب و المرض تدب في جسم و محيا ( رضا ) و بعد الكشف عليه أتضح انه يعاني من مشاكل في القلب و انه يحتاج لجهاز لعلاجه و متابعة طبيب مختص و ممرض.
ولكن للاسف المستشفى الخاص الذي ولد فيه ( رضا ) لا يمتلك هذا الجهاز و لا الامكانيات لعلاج ( رضا ).
توجه الوالد مسرع الى احدى المستشفيات الحكوميه والتي ظلت تطالب بتقارير مفصله و مطوله عن حالة الطفل و ظل الاب يسعى بين المستشفيين في أمل أن يوفر كل ما يتطلبه المشتشفى الحكومي.
بعد كل الجهود التي بذلها الاب المثكول بأبنه تفاجأ برد المستشفى الحكومي بان المستشفى لا يستطيع أن يستقبل أبنه وذلك لعدم تواجد سرير يضم جسمه الصغير.
فاعاد الوالد المحاوله مع مستشفى خاص ذو امكانيات اكبر من المستشفى الذي ولد فيه فكان ردهم أن التأمين الصحي الذي يمتلكه اب الطفل لا يغطي جميع التكاليف العاليه التي تصل قيمتها الى 250.000 ريال ويجب على والد رضا بان يحصل على موافقة التأمين على دفع هذا المبلغ لكي تتم معالجة ( رضا ) الصغير.
خاطب الاب شركه التأمين فكان جوابهم انه يجب عليه التريث الى أن يجتمع المختصون في شركه التأمين في صباح اليوم التالي لكي يقرروا هل يستحق ( رضا ) مبلغ 250000 مقابل العلاج ام لا ؟
انتهى ذلك اليوم الطويل و ظل ( رضا ) بين يدي والديه تلك الليله وهم يأملون أن يتعافى هذا الصغير و أن يكبر و يتماثل للشفاء و يصبح طبيب أو طيار أو مهندس يخدم مجتمعه و يرد لهم الدين و الجميل في مساعدته على التعافي و الشفاء بعد فضل الله.
ولكن في منتصف تلك الليله ودع ( رضا ) والديه و أغمض عينيه الصغيرتين معلنا أن بقاءه أصبح مستحيل مع أمكانيات قلبه العليل و رحل عن هذه الدنيا.
في صباح اليوم التالي و أثناء مراسيم دفن ( رضا ) تفاجأ الوالد الحزين بأتصال يخبره بأن اللجنه في شركه التأمين أجتمعت و بعد المشاورات و المطالعات على تقارير المستشفى قررت اللجنه ان تساعد الصغير و أن تدفع ثمن علاجه ، فكان جواب الاب بان الجواب جاء متاخرا جدا ً و أن أبنه بين يدي خالقه الان .
طرحت لكم القصتين بين أيديكم اعزائي القراء و الحادثتين بالتفصيل لكي تطلعوا على حجم الاختلاف في التعامل مع كل حاله و كيفية السعي للحفاظ على هذه الطاقات المستقبليه و اهمية بقاءها.
لويس الان يعمل جاهدا لكي يصل الى مرحله رد الجميل عن طريق إنقاذ شاب أو شابة أو أن ينقذ أحد أفراد الطاقم الطبي الذي ساعده على الشفاء فالعطاء لا يرد الا بعطاء مماثل له و الجميل لايرد الا بجميل آخر لكي تكتمل مسيرة العطاء و البذل في مجتمعه.
أما ( رضا ) فلم يلاقي ما لاقاه لويس من رعاية طبيه و ذلك ليس لقلة الامكانيات و لكن هي بسبب الاجراءات الطويله والتي تنتهي بعدم وجود مساحه صغيره تضمه و المسائلات عن المبالغ الماليه المهمه و نسيان أهميه حياة هذا الصغير في المقام الاول.
في نهاية حديثي و نهاية هذا القصتين و ما فيهما من فرح و حزن ادعو الله العلي القدير أن يلهم أهل ( رضا ) الصبر و السلوان و أن يعوضهما الله خيرا في هذا الدنيا و في عالم الأخره.